للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التلقين ولو مرة سقط حديثه كله؛ لأنه لم يتفقه في دين الله عز وجل، ولا حفظ ما سمع، وقد قال عليه السلام: "نضر الله امرأً سمع منا حديثًا حفظه حتى بلغه غيره". فإنما أمر عليه السلام بقبول تبليغ الحافظ، والتلقين هو أن يقول له القائل: حدثك فلان بكذا، ويسمي له من شاء من غير أن يسمعه منه، فيقول: نعم فهذا لا يخلو من أحد وجهين، ولا بد من أحدهما ضرورة: إما أن يكون فاسقًا يحدث بما لم يسمع أو يكون من الغفلة بحيث يكون الذاهل العقل، المدخول الذهن، ومثل هذا لا يلتفت له، لأنه ليس من ذوي الألباب. ومن هذا النوع كان سماك بن حرب، أخبر بأنه شاهد ذلك منه الإمام الرئيس بن الحجاج"١.

فالتلقين كما نرى من كلام ابن حزم يكون وسيلة من وسائل اختبار عدالة الراوي كما يكون وسيلة لاختبار ضبطه كما عرفنا.

٣٢٦- وبعد؛ فلعلنا على ثقة من أن علماء القرن الثاني بما وضعوا من أسس لتوثيق الراوي من حيث دينه، وعقله، وعدالته وضبطه قد وضعوا السياج المحكم الذي لا تنفذ إلى داخله، روايات غير المؤمنين العقلاء الأمناء الضابطين بما فيها من خطأ أو وضع. ومع هذا قد وضعوا أسسًا أخرى منها ما يتعلق بمناهج تلقي الحديث وأدائه، وهو ما نتناوله في الفصل التالي -بعون من الله عز وجل وفضل منه.


١ الإحكام لابن حزم ١/ ١٢٧.

<<  <   >  >>