للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقال: "قد جاءت في الوتر أحاديث مختلفة، فأخذنا بأوثقها١"، ولكنه شاع في العصر الحديث، وخاصة في كتابة التاريخ مدعمًا بالأسانيد التي تثبت الوقائع، والمصادر الأصلية والمضبوطة، وصولًا منها إلى الحقائق التاريخية الثابتة والصحيحة.

٢١- ونريد ما هو شبيه بهذا من بحثنا، وهو بيان الأسس التي وضعها نقاد الحديث، صيانة لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وانتقاء لصحيحه، وإبعادًا للضعيف والموضوع.

٢٢- وقد آثرنا هذه الكلمة على غيرها مما كان شائعًا عند المحدثين، وهو كلمة "النقد٢"؛ لأنها، وإن كان معناها الحقيقي بيان الصحيح من غيره، إلا أنه قد شاع استعمالها الآن خطأ في بيان العيوب، وقد يوحي استعمالنا لها في عنوان هذا البحث أننا نبين أسس عيوب السنة، وليس هذا بالطبع هو الواقع، أو ما نريده، وإنما الذي نريده، هو كشف الأسس التي قام عليها تمييز صحيح السنة من ضعيفها وزيفها٣؛ لنصل بالدراسة إلى أي مدى كانت هذه الأسس، مؤدية إلى الهدف الذي كان يريد أن يصل إليه علماؤنا من المحدثين والفقهاء؛ وهو تنقية السنة مما علق بها من شوائب التحريف والزيف، ثم تقديمها خالصة نقية؛ كي يستفيد منها المسلمون، كينبوع ثان من ينابيع التشريع الإسلامي، بعد كتاب الله عز وجل: الينبوع الأول.


١ الحجة: للإمام محمد بن الحسن الشيباني "١٨٩هـ" مكروفيلم بمعهد المخطوطات التابع لجامعة الدول العربية، ص ٤٤.
٢ انظر مثلًا تقدمه المعرفة ص٢ و١٠ و٢١٩.
٣ وهذا ما يقوم به علم الحديث دراية، وهو علم يعرف منه حقيقة الرواية وشروطها وأنواعها وأحكامها؛ وحال الرواة وشروطهم، وأصناف المرويات وما يتعلق بها، وعلم الحديث رواية، وهو علم يشتمل على أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله، وروياتها وضبطها وتحرير ألفاظها. "تدريب الراوي ١/ ٤٠".

<<  <   >  >>