للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣٤٤- وقد ذهبت الكثرة إلى غير ذلك حتى يكون تحمل الحديث مثل أدائه يشترط فيهما البلوغ - كما رأينا في توثيق الراوي.

٣٤٥- وأعرضوا عن سماع بعض الصحابة في الصغير؛ لأن سماع بعضهم على هذا النحو إنما هو ضرورة تقدر بقدرها، فهم لا يستطيعون رفض رواية ما عقله الصحابة الصغار عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وإلا فاتهم سماعه من غيرهم.

٣٤٦- وبعد الصحابة كثر الناقلون للأحاديث. فما عند التابعي من حديث تجده عند غيره. ولهذا يحتج نعيم بن حماد لعدم صحة السماع إلا بعد البلوغ بفعل التابعين، ويقول: "قلما من كان يثبت الحديث على ما بلغنا في عصر التابعين وقريبًا منه إلا من جاوز حد البلوغ، وصار في عداد من يصلح لمجالسة العلماء وسؤالهم ومذاكرتهم"١.

وينقد سفيان بن عيينة بعض الروايات والرواة على هذا الأساس فيقول مثلًا: لقد أتى هشام بن حسان عظيمًا بروايته عن الحسن، وقيل لنعيم بن حماد الذي يروي عنه هذا القول: لِمَ؟ قال: لأنه كان صغيرًا٢.

٣٤٧- ولهذا يفسر ذهاب ابن عيينة للزهري وهو صغير على أن ذلك كان للدربة والمران كما يؤمر الصبيان بالصلاة لسبع سنين مع أنهم غير مكلفين بها إلا بعد البلوغ.

وتذكر بعض الروايات، أن سن ابن عيينة يوم أن ذهب إلى الزهري كانت خمس عشرة٣، وهي حد البلوغ عند مالك والشافعي وأبي يوسف ومحمد٤.

وقد اعتبر في هذه السن صغيرًا بالنسبة إلى غيره من الذين كانوا لا يذهبون إلا المحدثين يسمعون منهم الأحاديث إلا بعد ذلك، ولهذا يقول الرامهرمزي: "وقد دل قول الزهري": ما رأيت طالبًا للعلم أصغر من أبن عيينة" على أن


١، ٢ الكفاية م ص ١٠٣.
٣، ٤ المحدث الفاصل "المخطوطة" ص ٢٣، ٢٤.

<<  <   >  >>