للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣٥١- وقد حدثت بعض الحالات التي تحول دون سماع التلميذ من شيخه في المجلس أو عدم رؤيته وهو يحدث، واعتبرها بعض الأئمة من السماع، ولا ضير على التلميذ أن يحدث عنه شيخه إذا تلقى منه في هذه الحالات، وهذا من الضرورات التي تبيح المحظورات -كما يعبر الأصوليون.

أولها: عظم مجلس الشيخ، فلا يصل سماعه إلى بعض التلاميذ، وينوب عنه مستمل يبلغ منلم يسمع عبارة الشيخ، شكى أبو مسلم المستملي إلى ابن عيينة أن الناس لا يسمعون، فقال: أسمعهم أنت. وقال الأعمش: كنا نجلس إلى إبراهيم النخعي مع الحلقة، فربما يحدث، فلا يسمعه من تنحى عنه، فيسأل بعضهم بعضًا عما قال، ثم يروونه وما سمعوه منه.

وروي عن حماد بن زيد أنه قال لمن استفهمه: كيف قلت؟ قال: استفهم ممن يليك.

وقد أجازوا ذلك لأنه قد ثبت أن بعض الصحابة لم يسمع من رسول الله بعض الحديث ونسبه كله إلى سماعه من رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقد ثبت في الصحيحين عن جابر بن سمرة رضي الله عنهما قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "يكون اثنا عشر أميرًا" فقال كلمة لم أسمعها، فسألت أبي فقال: "كلهم من قريش" وقد أخرجه مسلم عنه كاملًا، من غير أن يفصل جابر الكلمة التي استفهمها من أبيه١.

ثانيًا: الكلمة التي يدغمها الشيخ، وهي معروفة، فلا يسمعها التلميذ كاملة، قال الإمام أحمد: أرجو ألا تضيق روايته عنه، ولكن بعض الرواة كان يتحرج فلا يكتب إلا ما سمعه. ومن هؤلا خلف بن سالم المخرمي "٢٣١هـ" وخلف بن تميم، قال الأخير: سمعت من الثوري عشرة آلاف حديث، أو نحوها، فكنت أستفهم جليسي، فقلت لزائدة بن قدامة؟ فقال: لا تحدث منها إلا بما حفظ قلبك، وسمع أذنك، فألقيتها٢.


١ تدريب الراوي ٢/ ٢٥، ٢٦.
٢ المصدر السابق ٢/ ٢٧.

<<  <   >  >>