للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبعض العلماء قال -أداء عن السماع-: "قال" و"ذكر" من غير "لي" وهذا يحمل على السماع إذا عرف اللقاء وسلم هذا الراوي من تهمة التدليس، لا سيما إذا عرف من حاله أنه لا يقول ذلك إلا فيما سمعه من شيخه كحجاج بن محمد الأعور الذي روى كتب ابن جريج عنه بلفظ: "قال ابن جريح" فحملها الناس عنه على أنها سماع، واحتجوا بها١. وقد نبه همام ابن يحيى بأنه عندما يقول: "قال قتادة" فإنما سمعه من قتادة٢.

وقد عرف بعض الرواة الذين يستعملونها في غير السماع مثل ابن وهب. يقول الإمام أحمد مبينًا ذلك: "كان بعض حديثه سماعًا، وبعضه عرضًا، وبعضه مناولة، وكان ما لم يسمعه يقول: "قال حيوة، قال فلان"٣.

٣٥٩- وإذا كان في الإمكان أن يختار واحدة من الألفاظ التي ذكرناها -من سمع من الشيخ على الرغم من التفاوت في قيمتها وفي شيوعها، فإنه يجب عليه- عند بعض الأئمة الذين يعتد بآرائهم -أن يلتزم الصدق في عبارة الشيخ ولا يتعداها، فإذا قال: "أخبرني" لا يجوز أن يقول عنه "حدثني" بدلًا منها، قال الإمام أحمد: إذا قال الشيخ: "حدثنا" قلت: "حدثنا وإذا قال: "أخبرنا" قلت: "أخبرنا"، تتبع لفظ الشيخ، فإنما هو دين تؤديه عنه، ولا تقل "لأخبرنا" "حدثنا" ولا "لحدثنا" "أخبرنا" إلا على لفظ الشيخ"، وفي كلام له آخر: "اتبع لفظ الشيخ في قوله "حدثنا" و"حدثني" و"سمعت" و"أخبرنا"ولا تعده، فإن كانت قراءة بينت القراءة ... ولا تغير لفظ الشيخ، إنما تريد أن تؤدي لفظه كما تلفظ به"٤.

وممن ذهب إلى ذلك أيضًا يحيى بن سعيد القطان، ومن كلامه في هذا الشأن: "إذا قال -أي الشيخ- "حدثنا" فلا يعجبني أن أقول"حدثني وربما قال: "حدثني" فأشك، فأقول: قال: "حدثنا"، فأما إذا قال "حدثنا" فلا أستجيز أن أقول: قال: "حدثني"، ومراده بذلك التزام الدقة في مراعاة لفظ الشيخ٥.


١ تدريب الراوي ٢/ ١١.
٢ الكفاية "م" ص ٤١٩.
٣ المصدر السابق ص ٤١٩.
٤ المصدر السابق ص ٤٢٣.
٥ المصدر السابق ص ٤٢٥ - ٤٢٧.

<<  <   >  >>