للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"وأنه كان يخطرف الأوراق "يسرع" حين القراءة ليتعجل"١.

٣٦٧- وإذا كان قد أنكر هذا الخبر على قائله، لحفظ مالك لحديثه، وحفظ كثيرين من أصحابه الحاضرين عنده، وأن مثل هذا مما لا يجوز على مالك، وأن العرض عليه لم يكن من الكثرة بحيث تخطرف عليه الأوراق، ولا يفطن إلى ذلك هو ولا من حضر٢ -إذا كان كذلك فإنه يبقى هذا الشرط لازمًا لصحة القراءة، وهو أن يكون ماسك الكتاب ثقة مؤتمنًا على السماع أو القراءة.

٣٦٨- وقد كان الشيوخ من المحدثين يتخيرون من القراء من يجيدون القراءة، حتى يكون قراءة الأحاديث صحيحة، ليس فيها تحريف، ولهذا عندما ذهب الشافعي إلى مالك؛ ليقرأ عليه الموطأ ولم يكن يعرفه قال له: اطلب من يقرأ لك، فقال له الشافعي: لا عليك أن تسمع قراءتي، فإن خفت عليك قرأت لنفسي، قال الشافعي: فلما سمع قراءتي قرأت لنفسي٣، فهذا يدل على أن الإمام مالكًا لم يكن يجيز لكل إنسان أن يقرأ عليه إلا إذا كان مجيدًا للقراءة.

٣٦٩- وقد اشترط بعض الظاهرية، وجماعة بن مشايخ أهل المشرق وأئمتهم إقرار الشيخ عند تمام الشيخ بأنه كما قرئ عليه بقوله: "نعم"، وأبو أن يكون الحديث صحيحًا إذا لم يكن هذا التقرير، وقد ورد في هذا للإمام علي كرم الله وجهه قوله: قراءتك على العالم وقراءة العالم عليك سواء، إذا أقر لك"٤ وقد روي أن مالكًا كان يفعل ذلك.

ولكن روى عنه أيضًا أنه أنكر من طلب منه ذلك قائلًا: "ألم أفرغ لكم نفسي، وسمعت عرضكم، وأقمت سقطه وزلله؟ ! ...


١ المصدر السابق ص ٧٦، ٧٧. قال ابن معين: كان حبيب يقرأ على مالك وكان يخطرف بالناس، يصفح ورقتين ثلاثًا ... وكان يحيى بن بكير سمع من مالك بعرض حبيب وهو شر العرض "ميزان الاعتدال" مج ١/ ٤٥٢.
٢ الإلماع: ص ٧٧.
٣ آداب الشافعي ص ٢٧٠.
٤ الكفاية م ص ٣٨٣.

<<  <   >  >>