للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان، فكانوا يستفتحون بـ "الحمد لله رب العالمين" لا يذكرون "بسم الله الرحمن الرحيم" في أول قراءة ولا في آخرها"١.

٤١١- وحتى يكون الكتاب مصونًا عن التغيير في الطريق إلى من كتب إليه -ينبغي أن يشده المرسل، ويختمه بخاتمه، وقد فعل ذلك غير واحد من السلف وخاصة في القرن الثاني الهجري، ومن هؤلاء ابن جريح الذي كتب إلى ابن أبي سمرة بأحاديث من أحاديثه، وختم على الكتاب٢. وكتب قتيبة ابن سعيد إلى الإمام أحمد بن حنبل وقال له: كتبت إليك بخطي، وختمت الكتاب بخاتمي ونقشه "الله ولي سعيد" وهو خاتم أبي، وفعل ذلك الإمام مالك بن أنس٣.

٤١٢- ويقول القاضي عياض مبينًا حكم هذا المنهج أو هذا الضرب: "قد أجاز المشايخ الحديث بذلك عنه"٤.

ولكنهم اشترطوا شرطًا هامًّا يصون الحديث الذي ينقل عبره من التزييف والتحريف والكذب، وهو أن يتيقن الطالب أن هذا الكتاب الذي جاء إليه إنما هو، حقيقة، كتاب الشيخ، والخط الذي كتب به إنما هو خطه، فأما إذا كان شاكًّا في ذلك لم تجز له روايته عنه٥.

وإنما أجازوها لأنها لا تفترق كثيرًا عن المناولة، فكون الشيخ يستجيب لسؤال الطالب ويكتب له، أو يرسل إليه بكتابه من غير سؤال إلى بلد آخر إنما هو أقوى إذن -كما يعبر القاضي عياض٦- وكما يقول ابن الصلاح: إنها وإن لم تقترن بالإجازة لفظًا فهي متضمنة لها معنى٧.


١ صحيح مسلم بشرح النووي ٢/ ٣٥. وانظر أمثلة أخرى كثيرة لاستعمال هذا الضرب ابتداء من الصحابة رضوان الله عليهم ومن بعدهم في المحدث الفاصل "المطبوع" ص٤٣٨ - ٤٤٩.
٢ الكفاية "م" ص ٤٨٦، ٤٨٧.
٣ المرجع السابق.
٤ الإلماع ص: ٨٤.
٥ المحدث الفاصل: ص ٤٥٢ "المطبوع".
٦ الإلماع: ص ٨٤.
٧ مقدمة ابن الصلاح بشرح التقييد والإيضاح ص١٩٧.

<<  <   >  >>