للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على أنه يجيز له الرواية. اللهم إلا إذا كان يعتمد على أن أيوب قد سمع منه هذه المرويات وتعرف عليها، ولهذا لا يحق لنا أن ننسب إلى السلف جواز الرواية بها -كما فعل القاضي عياض- ولقد وصف ابن الصلاح قوله بأنه بعيد جدًّا، والقول به زلة من عالم أو متأول. على أنه أراد الرواية على سبيل الوجادة١، ووصفه النووي بأنه غلط٢.

٤٥٨- يقول الخطيب البغدادي تعليقًا على وصية أبي قلابة لأيوب: "يقال: إن أيوب كان قد سمع تلك الكتب، غير أنه لم يحفظها، فلذلك استفتى محمد بن سيرين عن التحديث منها، ولا فرق بين أن يوصي العالم لرجال بكتبه، وبين أن يشتريها ذلك الرجل بعد موته، في أنه لا يجوز له الرواية منها إلا على سبيل الوجادة، وعلى ذلك أدركنا كافة أهل العلم، اللهم إلا أن يكون تقدمت من العالم إجازة لهذا الذي صارت الكتب له بأن يروي عنه ما يصح عنده من سماعاته، فيجوز أن يقول فيما يرويه من الكتب "أخبرنا" أو "حدثنا" على مذهب من أجاز أن يقال ذلك في أحاديث الإجازة، مع أنه قد كره الرواية عن الصحف التي ليست مسموعة غير واحد من السلف٣".

٤٥٩- وعلى هذا فالوصية لسيت بتحديث لا إجمالًا ولا تفصيلًا، ولا تتضمن الإعلام لا صريحًا ولا كناية، ولهذا لم يوافق ابن الصلاح القاضي عياضًا في تشبيهها بقسمي الإعلام والمناولة، لأن الحجة التي جوزت كونهما طريقين من طرق التلقي الصحيح ليست موجودة هنا٤.

٤٦٠- والأمر لا يعدو -كما رأى الخطيب- أن يكون إجارة سبقت هذه الوصية. والوصية كأن لم تكن، أو وجادة أي صارت الكتب إليه كما تصير بالشراء والإجازة قد سبق أن تعرفنا عليها وعلى حكمها، ونتعرف على الوجادة الآن.


١ مقدمة ابن الصلاح بشرح التقييد والإيضاح ص ١١٩.
٢ التقريب للنووي، فن أصول الحديث: محي الدين يحيى بن شرف النووي ١٣٨٨هـ - ١٩٦٨م -مكتبة محمد علي صبيح ص ٢٧ - تدريب الراوي ٢/ ٦٠.
٣ الكفاية "هـ" ص ٣٥٢ - ٣٥٣.
٤ مقدمة ابن الصلاح بشرح التقييد والإيضاح ص ١٩٩.

<<  <   >  >>