للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صلى الله عليه وسلم، يقول: "اثنا عشر قيما من قريسش لا تضرهم عداوة من عاداهم" ١، فالتفت، فإذا عمر بن الخطاب وأبي في أناس، فأثبتوا لي الحديث، كما سمعت.

٣٤- وكان هذا التقليد من الصحابة، رضوان الله عليهم، هو الأساس الذي سار عليه معظم علماء الحديث والفقه بعد ذلك، توثيقًا لحديث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وصيانة له، فاعتبروا أن الأحاديث التي تؤخذ سماعًا أصح من غيرها؛ لأن الأخذ من الكتاب قد يؤدي إلى الخطأ إذا قرأه قراءة محرفة.

٢- حفظ الأحاديث:

٣٥- وبعد سماعهم للأحاديث وتثبتهم في سماعهم يحفظونها، ويؤدونها أداء سليمًا، ولقد نبههم إلى ذلك رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حين قال لهم: "عليكم بالقرآن، وسترجعون إلى أقوام سيبلغون الحديث عني، فمن عقل شيئًا فليحدث به، ومن قال علي ما لم أقل فليتبوأ بيتًا، أو مقعده من جهنم" ٣.

٣٦- ولهذا رأينا إقلالهم من رواية الأحاديث، واستثقالهم لها؛ لأنهم يخافون ألا يكونوا قد حفظوا الأحاديث، فيكذبون فيها، أي يخطئون٤، وقد روي عن عمر، وعبد الله بن مسعود قولهما: "كفى بالمرء كذبًا أن يحدث بكل ما سمع" ٥، وذلك لأنه ليس كل ما يسمع الإنسان يحفظه.


١، ٢ المحدث الفاصل ص٤٩٤. وأخرج الإمام مسلم عنه: "لا يزال هذا الأمر عزيزًا إلى اثني عشر خليفة"، قال: ثم تكلم بشيء لم أفهمه، فقلت لأبي: ما قال؟ فقال: "كلهم من قريش". صحيح مسلم بشرح النووي ٤/ ٤٨٢.
٣ رواه أحمد والبزار والطبراني في الكبير ورجاله ثقات "مجمع الزوائد ١ - ١٤٤" ورواية أحمد في المسند ٤/ ٣٣٤: "عليكم بكتاب الله، وسترجعون إلى قوم يحبون الحديث عني، فمن قال علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار ومن حفظ عني شيئًا فليحدثه".
٤ انظر المحدث الفاصل ص ٥٥٣ - ٥٥٨.
٥ معرفة السنن والآثار: لأبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي "٣٨٤ - ٤٥٨هـ" تحقيق السيد أحمد صقر - المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بالقاهرة ١/ ٤٧. وقد أخرج الحديث مسلم في صحيحه مرفوعًا عن أبي هريرة "مسلم بشرح النووي ١/ ٥٩ - ٦٠".

<<  <   >  >>