للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٥٨١- ولكن الذي نضيفه هنا هو أن إطلاق الحسن على الحديث وعلى الراوي وراد على لسان عدة من العلماء السابقين للترمذي من طبقة شيوخه وشيوخ شيوخه، بل ورد هذا الإطلاق على لسان أحمد نفسه، وأنه كان يستعمله بالمعنى الاصطلاحي الذي هو دون الصحيح وفوق الضعيف.

٥٨٢- ثم ما الداعي إلى تفسر كلمة ضعيف بالحسن؟ مع أن ظاهخر كلام أحمد يشير إلى أن مراده بالضعيف الضعيف الذي لم تتحقق فيه شروط القبول، فإنه يريد أن الرأي لا يعتد به عنده ما دام قد نقل في المسألة نص ولو ضعيف؛ فإن الضعيف خير من الرأي.."ضعيف الحديث أقوى من الرأي".

٥٨٣- "وإذا فسرنا" الضعيف "بالحسن" فأي فائدة في هذا التنصيص من الإمام أحمد على أن الحسن مقدم على الرأي؟ إذ أن هذا أمر ثابت مقرر فالحسن حجة في كافة وجوه الاحتجاج، ولم يقل عن أحد من المتقدمين نفي الاحتجاج بالحسن إلا ما نقل عن أبي حاتم"١.

٥٨٤- وتخلص من هذا إلى أن الإمام أحمد يعتبر المرسل غير صحيح وضعيف وينضم في سلك هذا الاتجاه، الذي يرفض المراسيل كأحاديث صحيحة يحتج بها.

أثر هذا الاتجاه في توثيق السنة:

٥٨٥- وقد أفاد هذا الاتجاه أيما إفادة في توثيق الحديث، إذ قام أصحابه بما يشبه الاستقراء في تمييز الروايات التي جاءت مرسلة، والتي حدث بها مرسلوها عمن لم يسمعوها منهم، وأسقطوا من حدثوهم. وعرفوا من أرسل عن ثقات وسموه ومن كان غير ذلك، وسدوا بذلك النقص الذي أحدثه المتقدمون بإرسالهم الكثير من الأحاديث، ولو ذهبوا إلى ما ذهب إليه


١ قواعد في علوم الحديث: التحقيق في الهامش ص١٠٠ - ١٠٧ من بحث الشيخ محمد عوامه فينقد كلام ابن تيمية وابن القيم في الضعيف عند الإمام أحمد.

<<  <   >  >>