من أول وهلة -ومنها تصحيح بعض الأخطاء- من وجهة نظرنا التي وقع فيها بعض الباحثين كاتهام مالك مثلًا بأنه تناقض مع نفسه حين أخذ بالمراسيل وترك بعضها ...
الثانية: أن هناك تدرجًا زمنيًّا في قبول المراسيل -كما يقول الأستاذ أبو زهرة١- فكلما كان الإمام أسبق أو العلماء أسبق كانوا أكثر قبولًا للمراسيل وكلما بعد الزمن وجدنا التشدد في قبولها، والسبب في ذلك أن الناس كلما اقتربوا من عهد الصحابة كانوا أكثر تورعًا وتقوى، فلا يروون إلا ما صح عندهم والقليل من كان غير ذلك ... أيضًا فالسند يكون غير طويل، فإذا أرسل تابعي فإنه من العادة أنه سمعه من صحابي أو من زميل له تابعي يثق فيه والمرسلون عن بعضهم أحياء، ويستطيع المتحمل للحديث أن يتصل ببعضهم ويعرف حقيقة ما يحدثون، وليس الأمر كذلك في زمن الشافعي مثلًا، وفي زمن أحمد بن حنبل وأئمة الحديث في عصره، فالتدين قل ... واستفحلت المذاهب، ودعاتها كثروا ... واستطال السند ومن أرسل عنهم ماتوا ويحتمل أن يكونوا من الضعاف.
٥٨٧- وبعد؛ فقد تعرفنا على جهود العلماء، من فقهاء ومحدثين في وضع أسس توثيق سند الحديث ورجاله الذين نقلوه، وكانت لهم جهود أخرى في وضع أسس تعنى بمتن الحديث بعيدًا عن نقلته وهو ما سنتعرف عليه -إن شاء الله عز وجل- في القسم الثاني الذي أصبحنا على مشارفه واقتربنا من عتباته بعون من الله الكريم وفضله.