للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صحته وعلى الزيافة فيه -كما يعبر السرخسي١- ويمضي ما جاء في الكتاب على ظاهره، ولا يجوز تخصيص عامه أو صرفه عن الظاهر إلى المجاز بهذا الخبر المخالف ولا نسخه.

٥٩٨- وعد الأحناف هذه المخالفة من الانقطاع الباطن، أي أن هذا الحديث المخالف ليس وثيق الصلة برسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه لو كان كذلك ما خالف كتاب الله عز وجل؛ لأن كتاب الله تعالى نقل نقلًا متواترًا وورد ورودًا قطعيًّا، وخبر الآحاد ظني، ولا تعارض بين القطعي والظني بوجه؛ بل الظني بمقابلة القطعي.

٥٩٩- ويبين فخر الإسلام البزدوي وجهة نظر الأحناف في حكم الحديث المخالف للكتاب، فيقول بعد أن ذكر أنه منقطع انقطاعات باطنية: "إن الكتاب ثابت بيقين، فلا يترك بما فيه شبهة -يعني بخبر الآحاد- ويستوي في ذلك الخاص والعام، والنص والظاهر، حتى إن العام من الكتاب لا يخص بخبر الواحد عندنا خلافًا للشافعي، رحمه الله، ولا يزاد على الكتاب بخبر الواحد عندنا، ولا يترك الظاهر له من الكتاب، ولا ينسخ بخبر الواحد وإن كان نصًّا؛ لأن المتن أصل والمعنى فرع له، والمتن من الكتاب فوق المتن من السنة، لثبوته ثبوتًا بلا شبهة فيه، فوجب الترجيح به قبل المصير إلى المعنى"٣.

٦٠٠- وقد رد الأحناف كثيرًا من الأخبار تطبيقًا لهذا المقياس، ومنها:

حديث: "الحرم لا يعيذ عاصيًا ولا فارًّا بدم" لا يخصص العام في قوله تعالى: {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} ٤.. وحديث: "الطواف بالبيت صلاة وشرطه شرط الصلاة" لا يترك به ظاهر قوله تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} ٥..


١ أصول السرخسي ١/ ٣٦٥.
٢ كشف الأسرار ٣/ ٧٢٩.
٣ أصول البزدوي بشرح كشف الأسرار ٣/ ٧٢٨.
٤ سورة آل عمران: ٩٧.
٥ سورة الحج: ٢٩.

<<  <   >  >>