للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٩٤٤- وقد ذكر الخطيب البغدادي من حجة هؤلاء أحاديث بطرق ضعيفة مضطربة، قال السخاوي في بعضها: "إنها مضطربة لا تصح" ورواها الجوزجاني في الموضوعات.

٩٤٥- واستدل الشافعي رضي الله عنه لذلك بحديث: "أنزل القرآن على سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسر منه"، فإذا كان الله تعالى رحمة منه بخلقه -أنزل كتابه على سبعة أحرف لتحل لهم قراءته وإن اختلف لفظهم منه فغير كتاب الله تعالى أولى لأن تجوز فيه الرواية بالمعنى ما لم يتغير المعنى بتغير اللفظ، يقول مبينًا ذلك: "فإن كان الله لرأفته بخلقه أنزل كتابه على سبعة أحرف، معرفة منه بأن الحفظ قد يزل ليحل لهم قراءته، وإن اختلف اللفظ فيه، ما لم يحل معناه. وكل ما لم يكن فيه حكم فاختلاف اللفظ فيه لا يحيل معناه٢.

٩٤٦- وقد روي ما هو شبيه بهذا عن يحيى بن سعيد القطان حيث قال: أخاف أن يضيق على الناس تتبع الألفاظ؛ لأن القرآن أعظم حرمة، ووسع أن يقرأ على وجوه إذا كان المعنى واحدًا٣.

٩٤٧- بالإضافة إلى هذا فنظم الحديث ليس بمعجزة، والمطلوب منه ما يتعلق بمعناه وهو الحكم من غير أن يكون له تعلق بصورة النظم وقد علمنا أن الأمر بالتبليغ لما هو مقصود به، فإذا أكمل بذلك بالنقل بالمعنى كان ممتثلًا لما أمر به عن النقل لا مرتكبًا للحرام، وإنما يعتبر النظم في نقل القرآن، لأنه معجز مع أنه قد ثبت فيه أيضًا نوع رخصة كما رأينا٤.

٩٤٨- ومن حجة أصحاب هذا الاتجاه أيضًا اتفاق الصحابة رضوان الله عليهم على روايتهم لبعض الأوامر والنواهي بألفاظهم، مثل ما روى


١ تدريب الراوي حـ٢ ص٩٩.
٢ الرسالة ص١٧٤.
٣ الكفاية ص٣١٦.
٤ أصول السرخسي حـ١ ص٣٥٦.

<<  <   >  >>