وهذا كل ما قيل تقريبًا من أحاديث مرفوعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وموقوفة على الصحابة، ومنسوبة إلى بعض التابعين، ويتخذها الزاعمون دليلًا على عدم كتابة السنة في القرن الأول الهجري.
٧٠- ولا يتسع المجال هنا لمناقشة هذا الزعم بإفاضة، ونكتفي بإبداء ملاحظتين جديرتين بالنظر، حتى لا نذهب إلى ما ذهب
إليه هؤلاء فنجانب الصواب:
الملاحظة الأولى:
أن هذه الأدلة -على الرغم من أنها قليلة جدًّا- تتعارض مع ما صح عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وصحابته والتابعين من إباحة الكتابة، بل وكتابتهم، الأحاديث فعلًا- كما سيتضح لنا بعد قليل.
الملاحظة الثانية:
والأحاديث المرفوعة منها إلى النبي صلى الله عليه وسلم -على قلتها- لا تسلم من الطعن، والشك في صدورها عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم:
فالحديث الأول منها، حديث زيد بن أسلم قال عنه الخطيب البغدادي:"تفرد همام بروايته هذا الحديث عن زيد بن أسلم هكذا مرفوعًا ... ويقال: إن المحفوظ رواية هذا الحديث عن أبي سعيد من قوله: غير مرفوع إلى النبي، صلى الله عليه وسلم"١.
ولا نريد أن نسلم بهذا القول، فنقلول: إنه موقوف؛ لأن الإمام مسلمًا قد روى هذا الحديث مرفوعًا، ولكننا نقول: إن تفرد همام بن يحيى عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد مما يجعل أحاديث إباحة الكتابة الصحيحة أرجح منه لما ليس فيها من التفرد الذي في حديثنا هذا، كما سنرى.