للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القيم قد نقد متنًا لحديث من عشرة وجوه١ والأمثلة في هذا المجال كثيرة، ومثبوتة في كتب الفقه، ولو أزيح الستار عن هذه الجهود لما تبجح المتبجحون في الهجوم على سنة رسول الله، صلى الله عليه وسلم.

٢- اتضح لنا من خلال هذه الرسالة أن أسس توثيق السنة لا تتفق عند جميع العلماء في القرن الثاني الهجري، فمنها ما يأخذ به بعضهم ولا يأخذ به الآخرون؛ وهذا يفسر لنا سبب اختلافهم في الراوي الواحد واختلافهم في حديثه الذي يرويه، بعضهم يقبله وبعضهم يرفضه.. ولهذا يجدر بالدارسين أن يقوموا بالدراسات المقارنة لأسس التوثيق عند الفقهاء والمحدثين واستخلاص أسس يتفق عليها معظمهم، وتوثق بها الأحاديث فلا نختلف في كثير منها كما اختلفوا.. وبالتالي تكون الأحكام الفقهية المستمدة من أدلة السنة واحدة.. وهذا يضيق إلى حد كبير من شقة الخلاف بين المسلمين في الأحكام الفقهية، إذ كثير من هذا الخلاف يرجع إلى الاختلاف في أسس توثيق الحديث ونقده. وربما تعين هذه الرسالة بجهد في هذا المجال.

٣- لم نلاحظ في القرن الثاني الهجري أثناء توثيق السنة فيه تلك الأنواع الكثيرة للحديث وخاصة الضعيف والموضوع، تلك التي اصطلح عليها علماء أصول الحديث فيما بعد، فالحديث إما متصل أو مرسل صحيح أو غير صحيح وليس هناك المنطقع والمعضل والمقطوع والمقلوب والمدرج والعزيز والفرد والغريب والمسلسل، وغير ذلك من الأنواع الكثيرة التي اصطلح عليها المتأخرون من علماء الحديث وأثقلت كاهل الذهن، مع أن الأمر -في الحق- ليس في حاجة إليها، وكل ما يحتاج إليه هو ما كان يهتم به أهل القرن الثاني الهجري، هل الحديث صحيح ويحتج به أو غير صحيح أي ضعيف أو موضوع؟.. وما أجدرنا أن نعود إلى ما كانوا عليه فلا نهتم إلا بما هو مفيد وموصل إلى الهدف الذي ينشده كل محتاج إلى السنة وهو تمييز الحديث الصحيح من غيره من أقرب طريق ...

والحمد لله التي تتم بنعمته الصالحات..


١ في كتاب المنار المنيف، في الصحيح والضعيف، تحقيق عبد الفتاح أبو غدة، مكتب المطبوعات الإسلامية، حلب الطبعة الأولى "١٣٩٠هـ - ١٩٧٠م" ص ١٠٢ - ١٠٥.

<<  <   >  >>