للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} ١، وقال عز وجل: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} ٢، وقال عز من قائل: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} ٣.

١٤٦- وقد فرض الله علينا اتباع أمره، صلى الله عليه وسلم، فقال جل ذكره: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} ٤، فقد بين في التنزيل أن علينا فرضًا أن نأخذ الذي أمرنا به، وننتهي عما نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه. وإذا كان ذلك علينا فرضًا فإنه لا سبيل إلى ذلك بالنسبة لنا -نحن الذين لم نشاهد رسول الله، صلى الله عليه وسلم- إلا بالخبر عنه٥.

ثالثًا: وفي معرفة ناسخ القرآن الكريم ومنسوخه نحتاج إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا نصل إلى ذلك إلا بنقل الرواة، قال تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} ٦، وقال عز وجل في الفرائض: {وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ} ٧، "فزعمنا -بالخبر عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم أن آية الفرائض نسخت الوصية للوالدين والأقربين٨،


١ سورة النساء: ٦٥.
٢ سورة النساء: ٨٠.
٣ سورة النور: ٦٣.
٤ سورة الحشر: ٧.
٥ الأم: ١/ ٢٥١.
٦ سورة البقرة: ١٨٠.
٧ سورة النساء: ١١.
٨ هكذا عبّر الإمام الشافعي رضي الله عنه، لكن الآية الثانية خصصت عموم الأولى، "ذلك أن مقتضى العموم الذي في الآية الأولى إيجاب الوصية لكل قريب، ومقتضى آيات المواريث منح بعض الأقربين حق خلافة الميت في ماله دون بعضهم الآخر، فليس بين الآيتين إذن ذلك التعارض الذي يسوغ النسخ، إذ ما زال هناك بعض الأقربين ممن وجبت لهم الوصية بمقتضى الآية الأولى ولم تورثهم الآية الثانية"، فيمكن إعمال الآيتين معًا، وهذا ما يتعارض مع مفهوم الناسخ والمنسوخ" النسخ في القرآن الكريم، دراسة تشريعية تاريخية نقدية: أستاذنا الدكتور مصطفى زيد. الطبعة الأولى ١٣٨٣هـ-١٩٦٣م -دار افكر العربي بالقاهرة- المجلد الثاني ص٥٩٢-٥٩٥.

<<  <   >  >>