للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رواياتهم بروايات الحفاظ، وبالكتاب والسنة مما لا يمكن في الشهادات، ولهذا وجدنا من تجوز شهادته ولا تجوز روايته١.

هذا مجمل ما رد به الإمام الشافعي على منكري السنة عامة والأخبار المتواترة خاصة.

١٤٨- وهناك نوع آخر من الرد عليهم يعتمد على ما هو مقرر عند عامة العقلاء بحيث لا يستطيع إنسان ما -حتى ولو كان لا يؤمن بالقرآن- أن يشكك أو يجادل فيه. وقد ذكر هذا الرد شمس الأئمة السرخسي الحنفي.

ولسنا ندري هل هو منقول عن أئمة المذهب في القرن الثاني الهجري أو لا، ولكننا نذكره هنا استكمالًا لما ذكره الإمام الشافعي، واحتمالًا أن يكون هو ما ردت به مدرسة أبي حنيفة في العصر الذي كانت فيه هذه الفئة المنكرة موجودة تعلن رأيها، حتى انتضى لها الإمام الشافعي، كما ذكرنا.

١٤٩- يقول شمس الأئمة: إن القائل برد الأخبار كلها سفيه، يزعم أنه لا يعرف نفسه، ولا دينه، ولا دنياه، ولا أمه ولا أباه، وهو بمنزلة من ينكر العيان من السوفسطائية، فلا يكون الكلام معه على سبيل الاحتجاج والاستدلال، لأن هذا أقل مما يثبته ويوجبه المتواتر؛ فإن هذا يوجب علمًا ضروريًّا والاستدلال لا يوجب ذلك، وإنما الكلام معه من حيث التقرير عند العقلاء بما لا يشك هو ولا أحد من الناس أنه مكابرة وجحد لما يعلم اضطرارًا، بمنزلة الكلام مع من يزعم أنه لا حقيقة للأشياء المحسوسة، "فنقول: إذا رجع الإنسان إلى نفسه علم أنه مولود اضطرارًا بالخبر، كما علم أن ولده مولود بالمعاينة، وعلم أن أبويه كانا من جنسه بالخبر، كما علم ذلك من ولده بالعيان، وعلم أن السماء والأرض كانتا قبله على هذه الصفة بالخبر، كما يعلم أنهما على هذه الصفة للحال بالعيان، وعلم أن آدم أبو البشر على وجه لا يتمكن فيه شبهة، فمن أنكر شيئًا من هذه الأشياء فهو مكابر جاحد لما هو معلوم ضرورة بمنزلة من أنكر العيان".


١ الأم ٧/ ٢٥٢-٢٥٣.

<<  <   >  >>