للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

"ب" ألا يكون بين الجملتين مناسبة:

كأن تكون في حديث ويقع في خاطرك بغتة حديث آخر، لا جامع بينه وبين ما أنت فيه بوجه فتفصل، ومثال ذلك: أن تكون في حديث مثل "كان معي فلان فقرأ -ثم خطر ببالك أن صاحب حديثك جوهري ولك جوهرة لا تعرف قيمتها، فتعقب كلامك قائلا: "لي جوهرة لا أعرف قيمتها هل أرينكها".

أو تكون في حديث ويقع في خاطرك بغتة حديث آخر بينهما جامع غير ملتفت إليه لبعد مقامك عنه ويدعوك إلى ذكره داع فتورده مفصولا، ومثال ذلك: وجدت أهل مجلسك في ذكر خواتم لهم يقول واحد منهم خاتمي كذا -يصفة بحسن صياغة وملاحة نقش ونفاسة فص وجودة تركيب وارتفاع قيمة، ويقول آخر: كذا ... ، ويقول آخر: ... وإن خاتمي بديع الشكل خفيف الوزن لطيف النقش ثمين الفص إلا أنه واسع لا يمسكه إصبعي، وأنت حين قلت: إن خاتمي ضيق تذكرت ضيق خفك وعناءك منه، فلا تقول: وخفي ضيق، لنبو مقامك عن الجمع بين الخاتم وذكر الخف، فتختار القطع قائلا: خفي ضيق، قولوا ماذا أفعل؟ ومثله قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ} من هذا القبيل، قطع {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا} عما قبله، ولكون ما قبله حديثا عن القرآن، وإن من شأنه كيت وكيت، وكون الذين كفروا حديثا عن الكفار وعن تصميمهم في كفرهم. والفصل لازم للانقطاع، لأن الواو معناه الجمع.

ومن هنا عابوا أبا تمام في قوله:

لا والذي هو عالم أن النوى ... صبر وأن أبا الحسن كريم١

"ج" أن تريد قطع الجملة الثانية عن الأولى٢:


١ المفتاح ١٥٢ و١٥٣.
٢ نفسه ١٤٧ و١٤٨.

<<  <   >  >>