للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

البلاغة تتوصل إلى حقائق طيبة ثم لا تأخذ طريقها إلى التطبيق والذيوع، فمازلنا في معبد السكاكي ومفتاحه.

٣- أوجه القصور:

فن الفصل والوصل في القرآن الكريم يكشف عما في القواعد من قصور، فهي:

أولا: قد خصت الفصل والوصل بالجمل، والقرآن الكريم قد فصل ووصل بين الجمل وبين المفردات أيضا.

ثانيا: أنها قد حصرت الفصل في أداة واحدة وهي "طرح الواو" بينما فصل القرآن بـ "واو الاستئناف" و"الفاء" و"ثم" و"بل" و"أم المنقطعة" و"ضمائر الفصل" و"الجملة المعترضة" و"الاستثناء المنقطع"، كما حصرت الوصل في "الواو" فقط بينما وصل القرآن الكريم بجميع حروف العطف وجميع حروف الربط.

ثالثا: أنها سمت الفصل بين الخبرية والإنشائية كمال الانقطاع وجعلت الاتفاق بين ركني الجملة خبرًا أو إنشاء مبررًا للوصل، بينما جوز سيبويه وبعض أئمة النحو عطف الخبرية على الإنشائية١، وعدد الدكتور محمد عبد الخالق عضيمة اثنى عشر موضعًا في القرآن الكريم عطفت فيها الخبرية على الإنشائية والعكس، من مثل قوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} ٣، و {وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ، فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ} ٣، و {لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلا


١ السبكي، عروس الأفراح، وانظر محمد عبد الخالق عضيمة، دراسات في أسلوب القرآن، القسم الأول، الجزء الثالث، ص٥٣٧ وما بعدها، ط دار الحديث، القاهرة، ١٩٧٢م.
٢ الأنعام: ١٢١.
٣ الأعراف: ٧٧، ٧٨.

<<  <   >  >>