للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

"ج" الوصل بين مجموع جمل ومجموع جمل أخرى:

وإليه أشار الجرجاني بقوله "فأمر العطف إذا موضوع على أنك تعطف تارة جملة على جملة، أو تعمد أخرى إلى جملتين أو جمل فتعطف بعضا على بعض، ثم تعطف مجموع هذه على مجموع تلك، وضرب لذلك مثلا، قول المتنبي:

تولوا بغتة فكأن بينا ... تهيبني ففاجأني اغتيالا

فكان مسير عيسهم زميلا ... وسير الدمع إثرهم انهمالا١

وأيضا أشار إلى جمل الشرط المعطوفة على جمل الجزاء بقوله: "وينبغي أن يجعل ما يصنع في الشرط والجزاء من هذا المعنى أصلا يعتبر به، وذلك أنك ترى متى شئت جملتين قد عطفت إحداهما على الأخرى ثم جعلتا بمجموعهما شرطا، ومثال ذلك قوله تعالى: {وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} ٢، الشرط كما لا يخفى في مجموع الجملتين لا في كل واحدة منهما على الانفراد، ولا في واحدة منهما دون الأخرى، لأنا إذا قلنا: أنه في كل واحدة منهما على الانفراد جعلناهما شرطين، وإذا جعلناهما شرطين اقتضتا جزاءين وليس معنا إلا جزاء واحد٣.

وكما تربط أيضا بين أداة الربط وبين مجموع جمل ومجموع جمل أخرى، تربط أيضا بين عناصر القصة، أو تربط بينها وبين ما يشبهها في المضمون أو الهدف، ليتحولا إلى قصة طويلة متعددة الأجزاء، ففي سورة البقرة عطف قصة المنافقين من أول قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ} ٤، إلى قوله تعالى: {يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ} ٥ على


١ الدلائل ٢٤٤، وانظر ص٦٩ من البحث.
٢ النساء: ١١٢.
٣ الدلائل ٢٤٥، ٢٤٦ وانظر ص٧٠ من البحث.
٤ البقرة: ٨.
٥ البقرة: ٢٠.

<<  <   >  >>