لم يغفل الجرجاني مناسبة إلا ويوضح أن الأمر ليس "عطف جملة على جملة"، وإنما هو وصل معنى بمعنى لاعتبارات جمالية. ففصل معنى عن آخر، ووصل معنى بآخر يحتاج إلى أقوام ذوي ذوق، هم به أفراد، ويحتاج إل تأمل ونظر، لذا نراه في تحليله الجمالي يستند إلى معرفة "الجاري في العرف والعادة" وإلى "ما يحرك السامعين لأن يعملوا" و"يحرك السامع لأن يسأل" وإلى أن "المعاني كالأشخاص" بالإضافة إلى صبره المعروف في تحليل خيوط نسيج كل تركيب.
جـ- المصطلحات التي وردت في بحث الجرجاني:
لا يفوتني أن أوضح هنا أن الجرجاني كان متكلما أشعريا نحويا بلاغيا، وهذا -مع أسباب أخرى- أدى إلى وجود الجانب الجدلي والجانب التعليمي في تحليله للنكت البلاغية، وقد خففت براعته من جفاف الجانب التعليمي، واستمر هذا بدرجة مقبولة عند الزمخشري، حتى إذا جاءت المدرسة السكاكية انطلق الجفاف لا يلوي على شيء.
فترى الجرجاني يصدر معظم فقراته بـ "اعلم أن" ويكثر من سوق الشواهد على ما يقول، ثم ينهى شرحه بقوله " ... فاعرفه" أو " ... فاعرف ذلك" وفي نهاية الفصل يلخص ما عرضه في صفحات من فصل ووصل قائلا: "وإذا قد عرفت هذه الأصول والقوانين في شأن فصل الجمل ووصلها فاعلم أنَّا ... " ثم يعيد تلخيص التلخيص قائلا "فترك العطف يكون إما للاتصال إلى الغاية، أو للاتصال إلى الغاية، والعطف لما هو واسطة بين الأمرين، وكان له حال بين حاليين فاعرفه".
أرأيت
وقد خص الجرجاني الفصل والوصل بـ "العطف وترك العطف" فصار