للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أبو بكر: لقد علمتم، لو كنتم تعلمون، قل: لا وعافاك الله١، وكذا قصة المجاشعي، أن الحسن البصري كان يخطب في دم كان فيهم، فأجابه رجل بأن قال: قد تركت ذلك لله ولوجوهكم، فقال الحسن: لا تقل هكذا، بل قل: لله ثم لوجوهكم وآجرك الله٢.

- للتمييز تشريفًا:

ولا يبيح ابن جني عطف الخاص على العام إلا لميزة يتمتع بها ذلك الخاص، لأنه يدخل في جملة العام، والشيء لا يعطف على نفسه، يقول: "وأنت لا تقول: جاء القوم وزيد، وقد جاء زيد معهم، لأن الشيء لا يعطف على نفسه. كذلك قوله تعالى: {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ} ٣ لا يكون جبريل وميكال داخلين في جملة الملائكة، لأنهما معطوفان عليهم، فلا بد أن يكونا خارجين منهم، مازَ "جبريل" و"ميكال" من جملة الملائكة تشريفًا لهما٤، وقد وضح هذا المغزى البلاغي قبل ابن جني أستاذه أبو علي الفارسي "٣٧٧هـ" مستشهدا في بيانه بعديد من الآيات القرآنية٣.

- لتوكيد تفرد العلم الإلهي بالتأويل:

يقف القاضي عبد الجبار أمام القصد من عطف {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} على {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ} ، وكيف لا يتعارض علم هؤلاء الراسخين بتأويل متشابه القرآن مع تفرده سبحانه بالعلم الإلهي، وذلك في قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ


١ الجاحظ، البيان والتبيين ١/ ٢٦١ تحقيق عبد السلام هارون، ط٤.
٢ نفسه والصفحة.
٣ البقرة: ٩٨.
٤ ابن جني، المحتسب ٢/ ٥٣ المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ط الحلبي.
٥ أبو علي الفارسي، الحجة، ١/ ١٣ دار الكتاب العربي.

<<  <   >  >>