للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولو رفع لفسد المعنى، [لأنه كان يكون تقديره: بُعثتُ أنا وبعثت الساعة، وهذا فاسد في المعنى] إذ لا يقال بُعثت الساعة، ولا في الوقوع لأنها لم توجد بعد"i. انتهى.

وفي حديث آخر (بُعِثْتُ والسّاعةَ كهاتين) ii.

قال ابن السِّيد في مسائله: "النصب والرفع جائزان في "الساعة"؛ النصب على تأويل مع، والرفع بالعطف على الضمير في "بُعِثَت" والنصب فيه أحسن، لأن المضمر المرفوع يقبح العطف عليه حتى يؤكد. ألا ترى أنه يقبح أن تقول: قمتُ وزيد iii. وهذا مشهور عند النحويين iv تغني شهرته عن الإطالة فيه"v.

وقال القاضي عياض في الحديث الأول: "الأحسن رفع الساعة عطفاً على ما لم يسمّ فاعله في "بُعثتُ"، ويجوز النصب على المفعول معه، أي بعثت مع الساعة، كقولهم: جاء البردُ والطيالسةَ vi، أو على فعل مضمر يدلّ عليه الحال، أي فأعدّوا الطيالسة vii. ويقدّر هنا فانتظروا الساعة".

وقال القرطبى: "قد اختار بعضهم النصب بناءً على التشبيه، أي إن التشبيه وقع بملاصقة الأصبعين واتصالهما، واختار آخرون الرفع بناء على أن التشبيه وقع بالتفاوت الذي بين رؤوسهما"viii.

وقوله: "كهاتين" حال، أي مقترنين.

قال القرطبي: "فعلى النصب يقع التشبيه بالضم، وعلى الرفع يحتمل هذا ويحتمل أن يقع بالتقارب الذي بينهما في الطول".

١٠٥ حديث (فَلَمَّا نَظَرُوا إلَيْه قالُوا: مُحَمّدٌ والخَميس) ix.


i إعراب الحديث النبوي برقم ٤٦، وما بين القوسين منه.
ii صحيح البخاري كتاب التفسير- سورة النازعات- فتح الباري ٨/ ٦٩١
iii في النسخ الخطية: "قمتُ أنا وزيد" والصواب ما أثبته.
iv قال ابن مالك في شرح الكافية الشافية ٣/ ١٢٤٤: "إن كان المعطوف عليه ضميرا متصلاً مرفوعاً فالجيد الكثير أن يؤكد قبل العطف بضمير رفع منفصل كقوله تعالى: {قَالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} ".
v كتاب المسائل والأجوبة لابن السّيد البطليوسي المتوفى سنة ٥٢١ هـ.
vi الطيالسة جمع طَيْلسان وهو فارسي معرَّب، نوع من اللباس.
vii أي مفعول به على رأي الزجاج. وانظر الخلاف في ناصب المفعول معه- التصريح ١/ ٣٤٤
viii أحمد بن عمر بن إبراهيم القرطبي فقيه مالكي من رجال الحديث. مولده بقرطبة كان مدرساً بالإسكندرية وتوفي بها سنة ٦٥٦ هـ من كتبه: المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلما. انظر الأعلام١/١٨٦.
ix حديث عن أنس (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى خيبر ليلاً... فلما أصبح خرجت اليهود بمساحيهم ومكاتلهم، فلما رأوه قالوا: محمد والله، محمد والخميس ... )
البخاري: كتاب المغازي باب غزوة خيبر٧/٤٦٧ كتاب الخوف باب التبكير ٢/٤٣٨. مسند أحمد ٣/١١١، ١٦٣.