للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ابن التين: "قيل إن الضمير في "رحمته" للأب في قوله "ما من رجل مسلم" لكونه كان يرحمهم في الدنيا، فيجازى بالرحمة في الآخرة"i.

قال ابن حجر: "والأوّل أولى، ويؤيده أن في رواية ابن ماجة "بفضل رحمة الله إياهم".

وقال الكرماني: الظاهر أن المراد بقوله "إياهم" جنس المسلم الذي مات أولاده، لا الأولاد، أي بفضل رحمة الله لمن مات لهم. قال: وإنما جمع باعتبار أنه نكرة في سياق النفي يفيد العموم"ii.

وقال ابن حجر: "وهذا الذي زعم أنه ظاهر ليس بظاهر، بل في غير هذه الطريق ما يدلّ على أن الضمير للأولاد؛ ففي حديث عمرو بن عبْسة iii عند الطبراني iv "إلا ادْخَلَهُ الله بِرَحْمتِه هو وإياهُم الجنّة" v.

وفي حديث أبي ثعلبة الأشجعي vi عنده "أَدْخَلَهُ الله الجنَّةَ بفَضْل رحمتِه إياهما". قاله بعد قوله "مَنْ ماتَ لَهُ وَلَدان" فوضح بذلك أن الضمير في قوله "إياهَم" للأولاد لا للآباء.

١١٤ - حديث "أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم في دارنا فاسْتَسْقى، فَحَلبْنا لَه شاةً لنا ثُمّ شُبْتُه مِنْ ماءِ بِئْرِنا" vii.

قال الكرماني: "فإن قلت استعمل هنا بـ "مِنْ " وروي في موضع آخر بالباء. قلت: المعنيان صحيحان، وقد يقوم حرف الجرّ مقام أخيه"viii.

قوله: "ثم قال: الأَيْمَنون الأَيْمَنون".

قال الزركشي: "كذا بالرفع بتقدير مبتدأ مضمر، أي المقدّم".


i الإمام عبد الواحد بن التين السفاقسي. له شرح على صحيح البخاري. انظر: كشف الظنون ١/٥٤٦.
ii صحيح البخاري بشرح الكرماني ٧/٥٨.
iii عمرو بن عبسة بن خالد السلميّ، قيل أسلم قديماً بمكة ثم رجع إلى بلاده فأقام بها إلى أن هاجر بعد خيبر وقبل الفتح فشهدها. يقال مات بحمص في أواخر حلافة عثمان. انظر: الإصابة ٣/ ٧٠٥.
iv سليمان بن أحمد الطبراني من كبار المحدثين، أصله من طبرية، له ثلاثة معاجم في الحديث، ومصنفات أخرى. توفي سنة ٣٦٠ هـ انظر: الأعلام ٣/ ١٢١.
v فتح الباري ٣/ ١٢١.
vi أبو ثعلبة الأشجعي، قال عنه البخاري له صحبة. انظر: الإصابة ٤/ ٢٩.
vii البخاري: كتاب الهبة- باب من استسقى. فتح الباري ٥/ ٢٠١.
وتكملته ".. فأعطيته، وأبو بكر عن يساره وعمر تجاهه وأعرابي عن يمينه، فلما فرغ قال عمر: هذا أبو بكر، فأعطى الأعرابيّ فضله ثم قال: الأيمنون الأيمنون..".
viii صحيح البخاري بشرح الكرماني ١١/١١٤.