للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال عياض: "ضبطه بعضهم "شهادةُ" بالرفع، على خبر مبتدأ مضمر، أي هي، ثم استأنف الكلام فقال "القومُ المؤمنون شهداءُ الله في الأرض". وضبطه بعضهم "شهادة القوم" على الإضافة، فـ"المؤمنون" رفع بالابتداء، و"شهداءُ" خبره. و"القوم" خفض بالإضافة. و"شهادة" على هذا خبر مبتدأ محذوف، أي سبب قولي هذا شهادة القوم. ورواه بعضهم "المؤمنين" نعت للقوم، ويكون "شهداء" على هذا خبر مبتدأ محذوف أي هم شهداء الله. ويصح نصب "شهادة" بمعنى من أجل شهادة القوم. ومن روى "القومُ" مرفوعاً كان مبتدأ، و"المؤمنون"وصفهم".انتهى.

وقال السُهيلي i: "إن كانت الرواية بتنوين الشهادة فهو على إضمار المبتدأ، أي هي شهادة، و"القوم" رفع بالابتداء، و"المؤمنون" نعت له أو بدل، وما بعده خبر. وفي هذا ضعف لأن المعهود من كلام النبوة حذف المنعوت نحو "المؤمنون تتكافأ دماؤهم"ii و"المؤمنون هينون لينون"iii و"المؤمنُ غِرٌّ كريم"iv. لأن الحكم متعلّق بالصفة فلا معنى للموصوف".

قال: "ويحتمل وجهاً آخر، وهو أن يرتفع "القوم" بالشهادة لأنها مصدر، ويرتفع "المؤمنون" بالابتداء، إذ قد أجازوا إعمال المصدر عمل الفعل، فلا بُعد في عمله هنا في القومِ منوّنا، كما تقول: يعجبني ضربٌ زيدٌ عمراً. ويحتمل وجهاً ثالثاً، وهو أن يكون "القوم" فاعلا بإضمار فعل، كأنه قال هذه شهادة، ثم قال "القوم" أي شهد القوم"v. انتهى.

١٥٨ - حديث سؤال القبر، قوله: "إنَّ العَبْدَ إذا وُضِعَ في قَبْرِه" vi.


i عبد الرحمن بن عبد الله، أبو القاسم السّهيلي، إمام في اللغة والنحو والحديث، نظر في كتاب سيبويه على بن الطراوة وسمع منه كثيرا، وله تآليف جليلة، منها: الروض الأنف، نتائج الفكر، أمالي السهيلي. توفي بمراكش سنة ٥٨١ هـ. انظر: إشارة التعيين ١٨٢. إنباه الرواه ٢/ ١٦٢.
ii مسند أحمد ١/١١٩، ٢/٠٢١١ الفتح الكبير ٣/٢٥٢.
iii الفتح الكبير ٣/٢٣٢.
iv مسند أحمد ٢/٣٩٤.
v انظر: أمالي السهيلي ص ٨٧.
vi عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن العبد إذا وضع في قبره، وتولى عنه أصحابه، إنه ليسمع قرع نعالهم، أتاه ملكان فيقعدانه، فيقولان: ما كنت تقول في هذا الرجل؟ لمحمد صلى الله عليه وسلم. فأما المؤمن فيقول: أشهد أنه عبد الله ورسوله، فيقال: انظر إلى مقعدك من النار. قد أبدلك الله به مقعدا من الجنة، فيراهما جميعا، قال قتادة: وذكر لنا أنه يفسح له في قبره... وأما المنافق والكافر، فيقال له: ما كنت تقول في هذا الرجل؟ فيقول: لا أدري، كنت أقول ما يقول الناس. فيقال: لا دريت ولا تليت. ويضرب بمطارق من حديد ضربة، فيصيح صيحة يسمعها من يليه غير الثقلين". البخاري: كتاب الجنائز باب ما جاء في عذاب القبر ٣/٢٣٢. مسلم ١٧/٢٠٣. مسند أحمد ٣/١٢٦. مشكاة المصابيح: باب إثبات عذاب القبر رقم ١٢٦ مع اختلاف الروايات.