للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الطيبي: "شرط، "أتاه" جزاؤه، والجملة خبر إنَّ. و"إنّه i ليسمع قرع نعالهم"ii

إما حال، بحذف الواو، كأحد الوجهين في قوله تعالى: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّة} iii أي ووجوههم، ونحو: كلّمته فوهُ إلىِ فيّ iv، ذكره شارح اللباب v. أو يكون جواباً للشرط على إضمار الفاء، فيكون "أتاه" حالاَ من فاعل "يسمع" و"قد" مقدّرة. ويحتمل أن يكون "إذا" ظرفاً محضاً، وقوله "إنّه" تأكيد لقوله "إن العبد" كقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيع} vi في أحد الوجهين.

قوله (فيُقْعِدانه) .

قال التوربشتي vii: "في حديث البراء viii "فيُجْلِسانِه"ix وهو أولى اللفظين بالاختيار، لأن الفصحاء إنما يستعملون القعود في مقابلة القيام، فيقولون القيام والقعود، ولا تسمعهم يقولون القيام والجلوس، يقال قعد الرجل عن قيامه، وجلس عن ضجعه واستلقائه. وحكي أن النضر بن شميل x دخل على المأمون xi عند مقدمه مرو، فمثل وسلّم، فقال له المأمون: اجلس، فقال: يا أمير المؤمنين: أمضطجع فأجلس؟ قال: فكيف أقول؟ قال: قُل اقعد. فعلى هذا المختار من الروايتين هو الإجلاس، لما أشرنا إليه من دقيق المعنى


i"إنه" رويت بإثبات الواو قبلها وحذفها. والإعراب هنا على رواية حذف الواو.
ii شرح مشكاة المصابيح- مخطوط ج١ ورقة ١٢٥.
iii سورة الزمر: آية ٦٠.
iv قال سيبويه ١/ ٣٩١: "قولك: كلمته فاه إلى فيّ، وبايعته يداً بيد، كأنه قال مشافهة، وبايعته نقدا. أي كلمته في هذه الحال. وبعض العرب يقول: كلمته فوه إلى فيّ، كأنه يقول: كلمته وفوه إلى فيّ، أي وهذه حاله". وانظر شرح اللباب في علم الإعراب للسيرافي الغالي، دراسة وتحقيق محمد المهدي عمّار، رسالة ماجستير في الجامعَة الإسلامية، المجلد الثاني ص – ٥٣٣- ٥٣٥.
v اللباب في النحو تأليف تاج الدين محمد بن محمد بن أحمد بن السيف المعروف بالفاضل الاسفرايني، توفي سنة ٦٨٤هـ وشارح اللباب هو محمد بن مسعود بن محمود السيرافي الغالي، كان حياً سنة ٧١٢ هـ
وقد قام ثلاثة من طلاب الدراسات العليا في الجامعة الإسلامية بتحقيق هذا الشرح، نالوا به الماجستير.
vi سورة الكهف: آية ٣٠.
vii شهاب الدين فضل الله بن حسن التوربشتي، محدث فقيه من أهل شيراز. من مصنفاته: الميسر في شرح مصابيح السنة للبغوي توفي سنة ٦٦١هـ انظر الأعلام ٥/١٥٢.
viii البراء بن عازب الأنصاري الأوسي، له ولأبيه صحبة، روي عنه أنه غزا مع الرسول صلى الله عليه وسلم أربع عشرة غزوة، قيل مات سنة ٧٢ هـ. انظر: الإصابة ١/ ١٤٦- ١٤٧.
ix حديث البراء في مسند أحمد ٤/٢٨٧. وكلام التوربشتي هنا منقول عن شرح المشكاة للطيبي- مخطوط ج- ١ ورقة ١٢٥.
x النضر بن شميل التميمي، من أهل مرو، صاحب غريب وشعر وفقه ومعرفة بأيام الناس ورواية الحديث. وهو من أصحاب الخليل بن أحمد. توفي سنة ٢٠٣ هـ انظر: إنباه الرواة ٣/٣٤٨.
xi هو الخليفة العباسي عبد الله بن هارون الرشيد، سابع الخلفاء العباسيين، كان عالماً كبيراً، قرّب العلماء والفقهاء والمحدثين والمتكلمين وأهل اللغة، حصلت في أيامه المحنة بخلق القرآن، توفي سنة ٢١٨ هـ. انظر. الأعلام ٤/ ١٤٢.