للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد كثر هذا في استعمال النحاة، في كلام سيبويه وغيره. قال سيبويه: مصليق ومصاليق i، أبدلوا السن صادا. وقال في لغة من يقول في الفصد الفزد: إِن تحركت الصّاد لم تبدل ii فهذا مثل الآية: {ويَومَ تُبدَّلُ الأرْض} لكنه حذف الثاني اختصارا. وهو قد يحذف كما قيل في قوله تعالى: {إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ} iii قال مكي iv: "أن يبدّل دينكم بما أتاكم به". وفي قوله تعالى: {وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلاً} v قال الغزنوي: أي أمثالهم ممن يكفر النعم بمن يشكرها. وهو أحد وجهي الآية.

الوجه الثاني:

أن يقصد بالتبديل أو الإبدال جعل شيء مكان شيء وبدلا منه. فأصل الاستعمال في هذا الوجه تجريد الحاصل ودخول الباء على المتروك، لأنك تريد جعلت هذا بديل هذا وعوضاً منه. فمن هذا قول امرىء القيس vi:

سَنُبْدِلُ إنْ أبْدلْتِ بالودّ آخَرَا vii

وقول معن بن أوس viii:

وكنتُ إذا ما صاحبٌ رامُ ظنّةً

وبدل سُوءاً بالذي كان يفْعلُ

قلبتُ لَهُ ظهْر المِجَنِّ ولَمْ أدُمْ

على ذاك إلا ريثما أتحوّلُ ix

والغالب على هذا الوجه في الاستعمال جرّ المتروك بمن، فتقول: أبدلت كذا من كذا. وعليه جرت عادة النحويين في باب البدل. أو يأتي بـ "مكان" أو "بعد" كقوله تعالى: {وَإِذَا


i الكتاب ٤/٤٧٨ وفيه "صويق ومصاويق".
ii الكتاب٤/٤٧٨.
iii سورة غافر: أية ٢٦.
iv مكي بن أبي طالب الأندلسي القيسي، مقرئ عالم بالتفسير والعربية، له مصنفات كثيرة منها: مشكل إعراب القرآن، الكشف عن وجوه القراءات، التبصيرة في القراءات السبع. توفي في قرطبة سنة ٤٣٧ هـ. الأعلام ٧/٢٨٦.
v سورة الإنسان: آية ٢٨.
vi امرؤ القيس بن حُجْر الكندي، من أهل نجد، من الطبقة الأولى، أشعر شعراء الجاهلية، وصاحب المعلقة المشهورة التي مطلعها: قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل ...
vii هدا عجز بيت لامرئ القيس، وصدره: أأسماء أمسى ودّها قد تغيرا.
وهو في ديوانه بتحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ص ٦١.
viii معن بن أوس صحابي، شاعر مجيد، من مخضرمي الجاهلية والإسلام. مات في المدينة سنة ٦٤ هـ انظر: الحماسة لأبي تمام بتحقيق د. عسيلان ١/٥٦٣. الأعلام ٧/٢٧٣.
ix البيتان من البحر الطويل من قصيدة لمعن بن أوس في حماسة أبي تمام ١/٥٦٣-٥٦٤، وفي خزانة الأدب ٨/٢٩٢ والرواية فيهما "رام ظنتي، وبلّ سوءاً بالذي كنت أفعلُ ". وقلب له ظهر المجن أي عاداه.