للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولتأويله بالمنكر وجهان: إما أن يقدر مضاف هو"مثل"، فلا يتعرف بالإضافة لتوغله في الإبهام، وإنما يجعل في صورة المنكر بنزع اللام، وإن كان المنفي في الحقيقة هو المضاف المذكور، الذي لا يتعرف بالِإضافة إلى أي معرف كان، لرعاية اللفظ وإصلاحه. ومن ثمّ قال الأخفش١ على هذا التأويل يمتنع وصفه لأنه في صورة النكرة، فيمتنع وصفه بمعرفة، وهو معرفة في الحقيقة فلا يوصف بنكرة. وإما أن يجعل العلم لاشتهاره بتلك الخلة كأنه اسم جنس موضوع لإفادة ذلك المعنى، لأن معنى "قضية ولا أبا حسن لها": ولا فَيْصلَ لها، إذ عليّ رضي الله عنه كان فيصلا في الحكومات على ما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أقضاكم عليّ"٢ فصار اسمه كالجنس المفيد لمعنى الفصل والقطع، كلفظ الفيصل، وعلى هذا يمكن وصفه كالمنكر. وهذا كما قالوا: "لكل فرعون موسى"، أي لكل جبّار قهّار، فيصرف موسى وفرعون لتنكيرهما بالمعنى المذكور. انتهى.

١٢- حديث: "إن مَطْعَمَ ابْنِ آدمَ جُعِلَ مثلا للدُّنيا، وإنْ قزَّحَهُ٣ وملَّحَهُ، فانظروا إلى ما يصير" ٤.

قلت: "ما" موصولة وعائدها محذوف، لأنه جُرّ بمثل الحرف الذي جرّ الموصول به، والتقدير: إلى ما يصير إليه، ونظر به يتعدى.

١٣- حديث: "جاءت الرّاجفةُ تتْبعُها الرادفة" ٥.

قلت: هذه الجملة الفعلية حال من الراجفة.

وقوله: "جاء الموت بما فيه".

جملة الجار والمجرور حال من الموت، والباء للمصاحبة.


١ أبو الحسن سعيد بن مسعدة، الأخفشي الأوسط، سكن البصرة وقرأ النحو على سيبويه دخل بغداد وناظر الكسائي. من مصنفاته: معاني القرآن. انظر بغية الشاة ١/ ٥٩٠، معاني القرآن للأخفشي تحقيق د. فايز فارس جـ ١/ الدراسة.
٢ قال عبد القادر البغدادي في تخريج أحاديث شرح الكافية ورقة ١٩: "أقضاكم علي" أخرجه ابن ماجة عن ابن عمر لكن بلفظ أرحم أمتي أبو بكر وأقضاهم على. وقال السخاوي في المقاصد: لم أقف على حديث "أقضاكم على" مرفوع. ويروي في المرفوع عن أنس "أقضى أمتي على". ما أورده البغوي في المصابيح وأخرجه الحاكم في مستدركه عن ابن مسعود قال: كنا نتحدث أن أقضى أهل المدينة علىّ. وقال إنه صحيح ولم يخرجاه.
أقول وفي البخاري٨/١٦٧ من فتح الباري، ومسند أحمد ٥/١١٣ قال عمر: " أقرؤنا أبي وأقضانا عليّ ".
٣ قال ابن الأثيرفي النهاية ٤/٥٨: "وإن قزًحه وملّحه " أي توبله من القزح وهو التابل الذي يطرح في القدركالكموّن والكًزبرة ونحو ذلك. يقال: قزّحت القدر إذا تركت فيها الأبازير.
٤ - مسند أحمد ٥/١٣٦.
٥ - مسند أحمد ٥/١٣٦، وفي الترمذي: أبواب صفة القيامة ٤/٥٣ رقم الحديث ٢٥٧٤.