للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١٤- وقوله: "أرأيتَ إن جَعَلْتُ صَلاتي كلّها عليك". "أرأيت" هنا بمعنى أخبرني. وقوله: "إذنْ يكْفِيَك الله ما أهمّك مِنْ دنياك وآخرتِك"١. "إذن" هنا للجواب والجزاء معا، وهي ناصبة للفعل لاستيفائها الشروط من التصدّر وغيره ٢.

١٥- حديث: "مثلي في النبيين كمثل رجل بنى دارا فأحْسَنها وأكْمَلَها وتركَ فيها مَوْضِعَ لَبِنَةٍ لم يَضَعْها، فجعل الناسُ يطوفون بالبنيان ويعجبون منه ويقولون: لو تمَّ موضعُ اللبنة" ٣.

قلت: "جعل" لها معان: أحدها: الشروع في الفعل، كأنشأ وطفق، ولها اسم مرفوع وخبر منصوب، ولا يكون غالبا إلا فعلا مضارعا مجرّدا من أنْ، وهي في هذا الحديث بهذا المعنى. قال ابن مالك٤: وقد يجيء جملة فعلية مصدرة بإذا كقول ابن عباس: "فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولا"٥.

الثاني: بمعنى اعتقد، فتنصب مفعولين نحو: {وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثاً} ٦.

الثالث: بمعنى صيرّ، فتنصب مفعولين أيضاً، نحو: {فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً} ٧.

الرابع: بمعنى أوجد وخلق، فتتعدى إلى مفعول واحد، نحو: {وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّور} ٨.

الخامس: بمعنى أوجب، نحو: جعلتُ للعامل كذا.

السادس: بمعنى ألقى، كجعلتُ بعض متاعي على بعض.

١٦- حديث: "قال مَعْبَد: أيْ رسولَ الله، يُخْشى علىَّ مِنْ شبهه" ٩.


١ - عن أبي قال (قال رجل: يا رسول الله أرأيت إن جعلت صلاتي كلّها عليك. قال: إذاً يكفيك الله تبارك وتعالى ما من دنياك وآخرتك) . انظر: مسند أحمد ٥/١٣٦.
٢ شروط النصب بإذن ثلاثة: الأول: أن يكون الفعل مستقبلا، الثاني: أن تكون مصدرة. الثالث: أن لا يفصل بينها وبين الفعل بغير القسم. انظر شرح الأشموني ٤/ ٢٨٧ ـ ٢٨٨.
٣ ـ تكملته " فأنا في النبيين موضع تلك اللبنة" الترمذي: المناقب ٥/٢٤٦ رقم الحديث ٣٦٩٢. مسند أحمد ٥/١٣٧.
٤ انظر شواهد التوضيح ص ٧٨.
٥ البخاري: كتاب التفسير/ سورة الشعراء. انظر فتح الباري ٨/٥٠١.
٦ ١لزخرف:١٩.
٧ الفرقان: ٢٣.
٨ ١لأنعام:١.
٩-حديث طويل في مسند أحمد ٥/١٣٧ ـ ١٣٨.