للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السكون لوقوعها موقع فعل الأمر، وتدخلها نون الوقاية حرصاً على إبقاء سكونها. قال:

امتلأ الحَوْضُ وقال قَطْني١

وربما حذفت نون الوقاية منها، مثله في عني ومني ٢. وإنما لم تُبنَ حَسْب وإن كانت في معناها لأنها لم توضع في أول أحوالها وضع الفعل كما فُعل بقط، لأنك تصرفها فتقول أحسبني الشيء إحساباً، وهذا حَسْبُك أي كافيك، فلما تصرّف بهذه الوجوه دون قَط أُعرب ولم يُبْنَ، وتنون قَطْ هذه في التنكير لأنها بمنزلة صَهْ ومَهْ.

٥٣- حديث "قوموا فلأصلّي لكم".

قال أبو البقاء٣: لم يقل (بكم) لأنه أراد من أجلكم لتقتدوا بي. انتهى.

وقال إن مالك في التوضيح٤: يروي قوله (فلأصلّي) بحذف الياء وبثبوتها مفتوحة وساكنة، واللام عند ثبوت الياء مفتوحة لام كي، والفعل بعدها منصوب بأن مضمرة، وأن الفعل في تأويل مصدر مجرور، واللام ومصحوبها خبر مبتدأ محذوف، والتقدير: قوموا فقيامكم لأصلي لكم. ويجوز على مذهب الأخفش٥ أن تكون الفاء زائدة، واللام متعلقة بقوموا، واللام عند حذف الياء لام الأمر، ويجوز فتحها على لغة سُليم، وتسكينها بعد الفاء


١ قال في الصحاح (مادة قطط) : قط: إذا كانت بمعنى حسب وهو الاكتفاء فهي مفتحة ساكنة الطاء، تقول: ما رأيتُه إلاّ مرة واحدة فقطْ. فإذا أضفت قلت قَطْكَ هذا الشيء، أي حسبك، وقطني وقطي وقطْ. قال الراجز:
امتلأ الحوضُ وقال قطني ... مهلاً رويداً قد ملأتَ بطني
انظر: الخصائص لابن جني ١/٣٢، الأشموني والصبان ١/١٢٥.
٢ ومن حذف نون الوقاية منهما قول الشاعر:
أيّها السائل عنهُم وعني ... لستُ من قيسٍ ولا قيسُ مِني
انظر: الأشموني والصبان ١/ ١٢٤.
٥٣- عن أنه (أن جدته مُليكة دعت رسول الله صلى الله عليه وسلم لطعام صنعته له، فأكل منه ثم قال: قوموا فلأصلي لكم ... ) مسند أحمد ٣/١٣١.
وانظر: البخاري ١/٤٨٨ كتاب الصلاة ب الصلاة على الحصير. مسلم ٥/١٦٣. أبو داود ١/١٦٦ (تحقيق محي الدين) .
٣ إعراب الحديث رقم ٣٥.
٤ شواهد التوضيح والتصحيح ص ١٨٦.
٥ سعيد بن مسعدة، الأخفش الأوسط، قرأ النحو على سيبويه وكان أسنّ منه، دخل بغداد لينتقم لأستاذه سيبويه من الكسائي، ولكن الكسائي قرّبه، فأقام ببغداد، ومات سنة ٢١٠ هـ تقريباً ومن مصنعاته: معاني القرآن، المسائل، الأوسط في النحو. انظر: بغية الوعاة ١/٥٩٠.