للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والواو وثُمّ على لغة قريش، وحذف الياء علامة الجزم. وأمر المتكلم نفسه بفعل مقرون باللام١ فيصح قليل في الاستعمال، ومنه قوله تعالى: {وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ} ٢. وأمّا في رواية من أثبت الياء ساكنة فيحتمل أن تكون اللام لام كي وسكنت الياء تخفيفاً، وهي لغة مشهورة، أعني تسكين الياء المفتوحة، ومنه قراءة الحسن {وذروا ما بَقِيْ من الرّبا} ٣ وقرىء {فَنَسيْ} ٤و {ثانيْ اثنين} ٥ بالسكون. ويحتمل أن تكون اللام لام الأمر وثبتت الياء في الجزم إجراء للمعتل مجرى الصحيح، كقراءة قُنْبُل٦.. {إنه من يتقيْ ويصبر} ٧.

وقال الزركشي٨: قال ابن السّيد٩: يرويه كثير من الناس بالياء، ومنهم من يفتح اللام ويسكن الياء ويتوهمونه قَسَما، وذلك غلط، لأنه لا وجه للقسم، ولو كان لقال فلأصلينّ، بالنون. وإنما الرواية الصحيحة (فلأصلّ) على معنى الأمر. والأمر إن كان للمتكلم والغائب كان باللام أبدا، وإذا كان للمخاطب كان بلام وغير لام.

قوله: "وصَفَفْتُ أنا واليتيم وراءه".


١ قال الأشموني ٤/٣: وأما اللام فجزمها لفعلي التكلم مبنيين للفاعل جائز في السعة لكنه قليل، ومنه "قوموا فلأصلّ لكم" {ولنحمل خطاياكم} وأقل منه جزمها فحل الفاعل المخاطب كقراءة أبي وأنا {فبذلك فلتفرحوا} وقوله عليه الصلاة والسلام "لتأخذوا مصافكم" والأكثر الاستغناء عن هذا بفعل الأمر.
٢ العنكبوت:١٢.
٣ البقرة: ٢٧٨. قال العكبري: الجمهور على فتح الياء، وقد قرىء شاذاً بسكونها، ووجهه أنه خفّف بحذف الحركة عن الياء بعد الكسرة. انظر: إملاء ما منّ به الرحمن ١/١١٧، الدر المصون للسمين الحلبي ٢/٦٣٧.
٤ طه: ١١٥.
٥ التوبة: ٤٠. وانظر: إملاء ما منّ به الرحمن ١/١٥.
٦ هو محمد بن عبد الرحمن المكي المخزومي، روي القراءة على ابن كثير بإسناد. توفي بمكة سنة ٢٩١ هـ. انظر: البدور الزاهرة ص ٨.
٧ يوسف: ٩٠. وأنظر: السبعة في القراءات لابن مجاهد ص ٣٥١.
٨ محمد بن عبد الله بن بهادر الزركشي، بدر الدين عالم بفقه الشافعية والأصول، تركي الأصل، مصري المولد والوفاة، له مصنفات كثيرة منها: البرهان في علوم القران، التنقيح لألفاظ الجامع الصحيح. توفي سنة ٧٩٤ هـ. انظر: البرهان في علوم القرآن- المقدمة ١/ ٥ الأعلام ٦/ ٦٠. وكلام الزركشي في كتابه شرح البخاري ٢/ ٢٢.
٩ عبد الله بن محمد به السِّيد البطليوسي، كان عالماً باللغات والآداب، أقرأ النحو واجتمع إليه الناس. من مصنفاته: شرح أدب الكاتب، شرح الموطأ، شرح سقط الزند، إصلاح الخلل الواقع في الجمل. توفي سنة ٥٢١ هـ ببلنسية. انظر: بغية الوعاة ٢ / ٥٥- ٥٦.