قال الزركشي١: بنصب اليتيم ورفعه. ويروى "وصففت واليتيم" من غير توكيد. والأول أفصح، إذ لا يعطف غالباً على الضمير المرفوع إلاّ مع التأكيد، كقوله تعالى: {اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} ٢.
٥٤- حديث "مرّ النبي بِتمْرَةٍ مسقوطة" ٣.
قال الكرماني٤: القياس أن يقال سَاقطة، لكنه قد يجعل اللازم كالمتعدّي بتأويل، كقراءة من قرأ {وعُموا وصُمّوا} ٥ بلفظ المجهول.
التيمي٦: هي كلمة غريبة لأن المشهور أن (سقط) لازم، على أن العرب قد تذكرِ الفاعل بلفظ المفعول وبالعكس إذا كان المعنى مفهوماً. ويجوز أن يقال جاء (سُقِط) متعدياَ أيضاً بدليل قوله تعالى: {سُقِطَ فِي أَيْدِيهِم} ٧. قال الخطابي٨: "يأتي المفعول بمعنى الفاعل كقوله تعالى: {كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيّاً} ٩ أي آتيا". [انتهى] .
وقال ابن مالك١٠: (مسقوطة) بمعنى مُسقَطة، ونظيره مرقوق بمعنى مُرَقّ أي مسترق، عن ابن جني١١، ومثله أيضاً رجل مفؤود أي جبان، ولا فعل له، [إنما يقال فُئد
١ شرح صحيح البخاري (التنقيح لألفاظ الجامع الصحيح) ٢/ ٢٢ الطبعة الأولى.
٢ البقرة:٣٥.
٣ عن أنس قال: "مرّ النبي صلى الله عليه وسلم بتمرةٍ مسقوطةٍ فقال: لولا أن تكون صدقة لأكلتها". البخاري: كتاب البيوع. باب ما يتنزه من الشبهات. فتح الباري ٤/٢٩٣.
٤ صحيح البخاري بشرح الكرماني ٩/١٨٧.
٥ المائدة: ٧١. وهي قراءة إبراهيم النخعي كما سيأتي.
٦ شيخ الإسلام أبو القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل الأصبهاني الحافظ الكبير صاحب الترغيب والترهيب، رحل إلى بغداد ونيسابور، وجاورسنة. مات سنة ٥٣٥ هـ. انظر: تذكرة الحفاظ للذهبي ص ١٢٧٧.
٧ الأعراف: ١٤٩.
٨ حَمدَ بن محمد بن إبراهيم أبو سليمان الخطابي، كان حجة صدوقاً، روى عنه أبو عبد الله الحاكم وغيره. ومن مصنفاته: غريب الحديث، شرح البخاري، شرح أبي داود. مات ببست سنة ٣٨٨ هـ. انظر: بغية الوعاة ١/٥٤٧.
٩ مريم:٦١.
١٠ شواهد التوضيح والتصحيح ص ١٩٧.
١١ عثمان بن جني، من أحذق العلماء بالنحو والتصريف، لزم أبا علي الفارسي، ولما مات أبو علي تصدّر ابن جني مكانه ببغداد. من مصنفاته: الخصائص، سر صناعة الإعراب، المنصف شرح تصريف المازني، المحتسب في إعراب الشواذ. مات سنة ٣٩٢ هـ. انظر: بغية الوعاة ٢/ ١٣٢.