للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٦٩- حديث "تلك صلاةُ المنافقِ، يَجْلسُ يرقُبُ الشَّمْسَ حتى إِذا اصْفَرَّتْ قام فنَقَر أَرْبَعاً لا يذكر الله فيها إلاّ قليلا".

قال الطيبي: (تلك) إشارة إلى ما في الذهن من الصلاة المخصوصة، والخبر بيان ما في الذهن. و (يجلس...) إلى آخره جملة مستأنفة بيان للجملة السابقة. ويجوز أن تكون حالاً. و (الشمس) مفعول (يرقب) ، و (إذا) ظرف معمول بدل اشتمال من الشمس، كقوله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ} ١.يعني يرقب وقت اصفرار الشمس. وعلى هذا (قام) استئناف. ويجوز أن يكون (إذا) للشرط، و (قام) جزاؤه. والشرطية استئنافية.

وقال الشيخ ولي الدين العراقي٢: "الإشارة بـ (تلك) إلى صلاة العصر التي تؤخر إلى اصفرار الشمس، وكأنه كان تقدم ذكرها من لفظ النبي صلى الله عليه وسلم أو بحضرته، فأعاد الإشارة إليه".

٧٠- حديث "يَتْبَعُ الميّتَ ثلاثٌ أَهْلُه ومالهُ وعَملُه، فيرجعُ اثنان ويبقى واحد".

قال أبو البقاء٣: الوجه أن يقال (ثلاثة) ، لأن الأشياء المذكورة مذكرات كلها، ولذلك قال: "فيرجع اثنان ويبقى واحدا" فذكرّ. والأشبه أنه من تغيير الرواة من هذا الطريق. ويحتمل أن يكون الوجه فيه ثلاث عُلَق، والواحدة عُلْقة، لأن كلاًّ من هذه المذكورات علقة، ثم إنّه ذكرّ بعد ذلك حملاً على اللفظ بعد أن حمل الأوّل على المعنى. ومنه قوله تعالى: {وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحاً} ٤ بتأنيث الأول وتذكير الثاني.


٦٩- مسلم بشرح النووي ٥/١٢٣. مسند أحمد ٣/ ١٨٥. وفي مشكاة المصابيح: كتاب الصلاة- باب تعجيل الصلوات.
١ مريم: آية ١٦.
٢ هو الإمام الحافظ المحدث الفقيه الأصولي أبو زرعة أحمد بن الحافظ الكبير أبي الفضل عبد الرحيم بن الحسين، ولد سنة ٧٦٢ هـ واعتنى به والده، وكان إماماً. من مصنفاته: شرح سنن أبي داود- ولم يتم، شرح البهجة في الفقه، حاشية على الكشاف. مات سنة ٨٢٦ هـ.. أنظر: طبقات الحفاظ للسيوطي ص ٥٤٣. ذيل تذكرة الحفاظ ٢٨٤-١ ٢٩.
٧٠- البخاري: كتاب الرقاق- باب سكرات الموت ١١/ ٣٦٢. مسلم ١٨/ ٩٥ ٠ الترمذي: أبواب الزهد ٤/١٧. مسند أحمد ٣/ ١١٠ والرواية فيه (الثلاث) وهي متفقة مع إعراب العكبري.
٣ إعراب الحديث للعكبري رقم ٣٣.
٤ سورة الأحزاب: آية ٣١- قال العكبري {ومن يقنت} يقرأ بالياء حملاً على لفظ مَنْ، وبالتاء على معناها ومثله {وتعمل صالحاً} . ومنهم من قرأ الأولى بالتاء والثانية بالياء. انظر: إملاء ما منّ به الرحمن ٢/١٩٢.