للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله: (إذ كان تأويل الرؤية ـ وتأويل كل معنى يضاف إلى الربوبية ـ بترك التأويل ولزوم التسليم، وعليه دين المسلمين).

فالصراط المستقيم والمنهج القويم: بترك التأويل الذي معناه: صرف الكلام عن ظاهره إلى غيره، أو صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى احتمال مرجوح.

فتأويل الرؤية يعني: تفسيرها، وتفسير كل معنى يضاف إلى الرب من صفاته سبحانه وتعالى بترك التفسير، ومثل هذه العبارة توهم ـ أيضا ـ التفويض، كقول السلف: «أمروها كما جاءت بلا كيف»، فتفسيرها بترك تفسيرها، وهذا لا يقصده السلف، فإنه قد علم أن أهل السنة يثبتون حقيقة الرؤية، وأنها رؤية بصرية، ويصرحون بذلك، ويثبتون لله الصفات بالمعاني المعقولة المفهومة من النصوص، فإذا جاءت مثل هذه العبارات فلا بد أن نفهمها على وجهها الصحيح، أمروها كما جاءت: أجروها على ظاهرها، مثبتين لما دلت على ثبوته، بلا بحث عن الكيفية، ولا تحديد لِكُنْهِ تلك الصفات، وليس المقصود: أمروها ألفاظا من غير فهم للمعنى! هذا باطل؛ لأن معناه أننا ما أثبتنا شيئا.

فتفسيرها أن نجريها على ظاهرها بترك صرفها عن ظاهرها، بترك التأويل في اصطلاح المتأخرين، ونجد في كلام بعض الأئمة مثل نحو هذه الكلمة: الواجب في هذه النصوص عدم تأويلها، أو إجراؤها على ظاهرها بترك التأويل.

وتركُ التأويل ليس تركَ التفسير مطلقا، فيكون كلاما لا يفهم معناه؛ لأن الكلام الذي لا يفهم معناه لا فائدة منه، تعالى الله عما يقول الجاهلون والظالمون علوا كبيرا.

المقصود: أن عبارة الطحاوي من جنس عبارات بعض السلف التي توهم أنه يقرر التفويض وليس كذلك، إذ كيف يقول: (الرؤية حق لأهل الجنة) إذا كانت الرؤية لا تفسر ولا تفهم، فلا معنى لقوله: (حق).

فمن يقول: إن الله خاطب عباده بما لا يفهم منه شيء لا يجوز أن

<<  <   >  >>