للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعالى طوى علم القدر عن أنامه، ونهاهم عن مرامه) (١) فسر القدر هو من العلم المفقود، وكيفية صفات الرب من العلم المفقود، وحقائق الآخرة من العلم المفقود، ولا سبيل إلى معرفة ما استأثر الله بعلمه.

والمؤلف رتب على هذا قوله: (فإنكار العلم الموجود كفر) جحد شيء مما علم بالضرورة من أخبار الرسول - صلى الله عليه وسلم -، أو الشرائع التي جاء بها كفرٌ.

(وادعاء العلم المفقود كفر)؛ لأنه ادعاء لعلم الغيب، فتكييف صفات الرب كفر؛ لأنه قول على الله بلا علم؛ لكن الذي يسأل عن الكيف، كمن يقول: كيف استوى؟ فهذا مبتدع يجب الإنكار عليه، كما أنكر الأئمة عليه كمالك ـ رحمه الله ـ حين رد بتلك الجمل التي صارت قاعدة: (الاستواء معلوم، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، ولا أراك إلا رجل سوء، فأمر به فأخرج). (٢)

وقوله: (ولا يثبت الإيمان إلا بقبول العلم الموجود، وترك طلب العلم المفقود).

لا يثبت الإيمان ولا يستقر ولا يسلم (إلا بقبول العلم الموجود) وهو الإيمان بما بعث الله به رسوله (وترك طلب العلم المفقود)، قال تعالى: ((وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولَاً)) [الإسراء: ٣٦]، والله تعالى علم نبيه - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ)) [الأنعام: ٥٠] وفي الآية الأخرى: ((وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ)) [الأعراف: ١٨٨].


(١) ص ١٧١.
(٢) صح هذا الأثر عن الإمام ربيعة بن أبي عبد الرحمن، والإمام مالك رحمهما الله. انظر: شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة ص ٤٤٠ - ٤٤٢، وعقيدة السلف أصحاب الحديث ص ٣٧، وذم التأويل ص ٢٥، والأثر المشهور عن الإمام مالك ـ رحمه الله ـ في صفة الاستواء ص ٨٤ و ١٢٣.

<<  <   >  >>