وقوله:(وأمرهم بطاعته، ونهاهم عن معصيته) في هذا التنبيه على وجوب الإيمان بالشرع مع الإيمان بالقدر؛
الإيمان بأن الله علم ما العباد عاملون بعلمه القديم، وكتب ذلك، وأن كل شيء يجري بمشيئة الله،
والإيمان بأن الله أمر عباده بطاعته، ونهاهم عن معصيته ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ)) [البقرة: ٢١]((فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا)) [البقرة: ٢٢]((وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا)) [النساء: ٣٦]((وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا)) [الإسراء: ٢٣].
لا بد للاستقامة على الصراط المستقيم في هذا المقام من الإيمان بالشرع، والقدر جميعا.
أما الإيمان بالقدر فهو الأصل السادس، وأما الإيمان بالشرع فهو موجب الإيمان بكتب الله ورسله.
فأهل الهدى والفلاح يؤمنون بهذا وهذا، ويؤمنون بحكمة الرب في شرعه وقدره.
وأما فرق الضلال فالمشركون، وأتباعهم من الجبريّة فإنهم يثبتون القدر، ولكنهم ينكرون الشرع أو يعرضون عن الشرع كما قال الله عن المشركين:{سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَاء اللهُ مَا أَشْرَكْنَا}[الأنعام: ١٤٨]
قولهم:(لو شاء الله ما أشركنا) هذا يتضمن أنهم يُقرّون بالقدر، وبمشيئة الله، ولكنها كلمة حق أريد بها باطل، فهم يقولون ذلك معارضةً لما جاءت به الرسل من الأمر بعبادة الله وحده لا شريك له، ونهيهم عن الشرك به.