وقوله:(وعلماء السلف من السابقين، ومن بعدهم من التابعين ـ أهل الخير (١) والأثر، وأهل الفقه والنظر ـ لا يُذْكَرُون إلا بالجميل، ومن ذكرهم بسوء فهو على غير السبيل)
أهل العلم من الصحابة والتابعين وتابعيهم من أئمة الهدى يجب أن يعرف لهم قدرهم، ويجب أن يعاملوا بما تستوجبه منازلهم من العلم والدين، وذِكرُ الطحاوي حق العلماء في هذه الجملة مناسب جدا؛ فإنه ذكر ما يجب للصحابة رضي الله عنهم، وأهل بيت الرسول - صلى الله عليه وسلم - ثم أردف ذلك بذكر ما يجب لعلماء هذه الأمة من السلف من الصحابة، ومن جاء بعدهم، ولهذا قال:(ومن بعدهم من التابعين، أهل الخير والأثر). أهل الخير: العمل الصالح، وأهل الآثار: الذين يقتفون آثار النبي - صلى الله عليه وسلم - ويقتفون آثار من سلف قبلهم من أهل العلم والدين، وأهل الفقه والنظر فهم العلماء الفقهاء العباد الصلحاء.
والله تعالى قد نَوُّه بفضل العلماء في كتابه حيث قال:((شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ)) [آل عمران: ١٨] أولوا العلم: أصحاب العلم الشرعي، وهم على مراتب، فيدخل فيهم الأنبياء، كما يدخل فيهم العلماء من أتباعهم، وقال سبحانه وتعالى:((يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ)) [المجادلة: ١١].
فخص العلماء برفع الدرجات، وقال سبحانه وتعالى: ((إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ
(١) رأيت في مخطوطة للمتن: «والخبر» وهو محتمل، لكن الشيخ مال إلى ما أثبت.