الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، وصلى الله وسلم على محمد عبدِ الله ورسولِه، أرسله بين يدي الساعة بشيرا ونذيرا، فبلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين، وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين. ... أما بعد:
فإن أعظمَ نعمة على العبد بعد الإسلامِ، لزومُ السنة والجماعة، والسلامة من البدع والأهواء؛ فقد وقع في هذه الأمة ما أخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم - من التفرق، والابتداع في الدين، ـ كما وقع في من قبلها ـ فانحرفت هذه الفرق عن الصراط المستقيم، ولم يستقيموا على سبيل المؤمنين من الصحابة والتابعين وأئمة الهدى؛ بل اتبعوا أهواءهم، وقدموا عقولهم القاصرة، وجعلوها حكما على الشريعة في مسائل أصول الدين، وهم في هذا الانحراف متفاوتون؛ فمنهم الغالي، ومنهم دون ذلك، ومنهم المعاند المتعصب لبدعته، ومنهم المجتهد المخطئ، فتصدى أئمة السنة للرد على المبتدعين، وكشف شبهاتهم، مع العدل في أحكامهم عملا بقوله تعالى:{وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ}[الأنعام: ١٥٢] فكتبوا في ذلك، وفي بيان مذهب أهل السنة كتبا كثيرة، مطولة وقصيرة، وكان من هؤلاء الأعلامِ الإمامُ أبو جعفر الطحاوي ـ رحمه الله ـ، فقد كتب رسالة في عقيدة أهل السنة والجماعة، صغيرة الحجم كثيرة المعاني، ذكر فيها جملا من أصول مذهب أهل السنة من غير تفصيل ولا تدليل.
وقد تصدى لشرحها جمع من العلماء منهم: العلامة أبو الحسن علي بن علي بن محمد المشهور بابن أبي العز الحنفي المتوفى سنة