وقابلهم القدريةُ نفاةُ القدر فقالوا: إن ما أحبه الله فقد شاءه، وما لا يحبه فلم يَشَأْهُ، فعندهم: أن كل ما أمر الله به من الإيمان والطاعة فقد شاءه، وكل ما نهى عنه وأبغضه من الكفر والمعاصي؛ فإنه لا يشاؤه.
فسوت الطائفتين بين المشيئة والمحبة، فالجبرية أثبتوا المشيئة على حقيقتها وجعلوا المحبة لازمة له، والمعتزلة أثبتوا المحبة، وجعلوها بمعنى المشيئة.
وأما أهل السنة والجماعة فقالوا: لا تلازم بين المحبة والمشيئة؛ فإن الله يشاء ما لا يحب، فما يقع في الوجود من الأمور المسخوطة كالكفر والمعاصي؛ فإنه واقع بمشيئته سبحانه وتعالى وليست محبوبة له، وقد يحب سبحانه ما لا يشاء كالإيمان والطاعة ممن لم يوفقه لذلك، ولم يشأْه منه.
فتجتمع المحبة والمشيئة: في إيمان المؤمنِ وطاعة المطيعِ، فإيمانُ المؤمن وطاعةُ المطيع اجتمع فيهما المشيئة والإرادة، فهي واقعة بمشيئته سبحانه وتعالى، وهي محبوبة له.
وتنفرد المشيئة في كفر الكافر ومعصية العاصي، فهي واقعة بالمشيئة وليس ذلك محبوبا له تعالى.
وتفرد الإرادة الشرعية في ما لم يقع من الإيمان والطاعة، كما تقدم ذلك مفصلا (١).