للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما إذا قيل: إنه ممكن، والله فعالٌ لما يريد فهذا هو الحق، وأهم شيء أن تعلم أن هذا لا يستلزم محذورا كما ضنه الضانون والجاهلون؛ لأنه على هذا التقدير ـ دوام الحوادث ـ معناه: أن كل مخلوق فإنه مسبوق بعدم نفسه. ـ أي محدث بعد أن لم يكن ـ والله تعالى متقدم على كل شيء، مهما يُفرض من مخلوقات متسلسلة فالله تعالى سابق لها، فكل مخلوق فالله تعالى خالقه، والمخلوق محدثٌ والله تعالى لم يزل.

وهذه في الحقيقة تُشكِل على كثير من الناس؛ لكن يجب أن تؤمن أيها المسلم بأن الله لم يزل على كل شيء قدير، ولم يزل فعالا لما يريد، وإذا آمنت بأن الله لم تحدث له قدرة ـ أي ـ لم يصر قادرا بعد أن لم يكن قادرا، ولم يصر فعالا بعد أن لم يكن فعالا، فإذا آمنت بهذا حصل المطلوب سواء فهمت المسألة أو ما فهمت.

لكن نقول لك: إذا استقر في نفسك هذا فهمت أن هذا يقتضي جواز وإمكان دوام الحوادث في الماضي، مادام أن ربك لم يزل على كل شيء قدير، ولم يزل فعالا لما يريد.

وأهم شيء هو الأصل: الإيمان بكمال ودوام قدرة وفاعلية الرب، وأنه تعالى لم يزل فعالا لما يريد، ولم يزل على كل شيء قدير، هذا هو الذي يجب أن تستمسك به.

والمسلمون هذه فطرتهم، وهذه عقيدتهم، ولا يتكلمون في مسألة التسلسل، لكن ألجأ إلى الكلام في ذلك أهل البدع المعطلة ـ الجهمية، والمعتزلة، والذين تأثروا بهم ـ حين تكلموا وقالوا: يمتنع دوام الحوادث!

فلزم بيان الحق، وهو أن الله تعالى لم يزل على كل شيء قدير، ولم يزل فعالا لما يريد، ولم يزل خالقا، ولم يزل قادرا، وهكذا (مازال بصفاته قديما قبل خلقه)

بعد هذه الجملة العامة المجملة، ذكر بعد ذلك جملا تفصيلية فيقول:

<<  <   >  >>