للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجاء في السنة وصف العرش بأنه فوق السماوات (١)، وكل هذا يجب الإيمان به من غير تحديد لكيفيته، فنحن لا نتصور كيفية العرش؛ لأنه غيب.

وأهل السنة والجماعة يثبتون العرش لله، ويثبتون استواء الله تعالى على العرش، ويثبتون كل ما ورد في صفة العرش، على أساس الإيمان بالله وبكتابه ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، وأما المعطلة نفاة الصفات كالجهمية والمعتزلة؛ فإنهم لا يثبتون حقيقة العرش التي دلت عليها النصوص، فيفسرون العرش بالملك، ويقولون: ((اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ)) [الأعراف: ٥٤] استولى على الملك، فالعرش عبارة عن كل المخلوقات.

وُرد عليهم بأن هذا التفسير لا يستقيم مع ما ورد في وصف العرش بأن له حملة، قال تعالى: ((الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ)) [غافر: ٧] أيكون معناه يحملون الملك؟! هذا لا يستقيم؛ لأن حملة العرش من جملة ملك الله، وفي الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش) (٢) فتفسير العرش بالملك من تحريفات أهل البدع.

وأما الكرسي فلم يرد في القرآن إلا في آية الكرسي التي هي أعظم آية في كتاب الله، كما صح بذلك الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (٣)، وسميت بهذا لذكر الكرسي فيها: ((وَسِعَ كُرْسِيُّهُ)) [البقرة: ٢٥٥] فأضاف الله الكرسي


(١) رواه أحمد ١/ ٢٠٦، وأبو داود (٤٧٢٣) والترمذي (٣٣٢٠) ـ وقال: حسن غريب ـ، وابن ماجه (١٩٣) وابن خزيمة في التوحيد ص ١٠١، والحاكم ٢/ ٤١٢ و ٥٠٠ ـ وصححه، وتعقبه الذهبي ـ من حديث العباس - رضي الله عنه -، وصححه الجوزجاني في الأباطيل ١/ ٧٩، وقواه ابن تيمية في الحموية ص ٢٢٢، ومناظرة الواسطية ٣/ ١٩٢، وابن القيم في تهذيب السنن٧/ ٩٢، وجاء هذا المعنى في أحاديث أخر]، وأن له قوائم [روى البخاري (٢٤١٢) من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تخيروا بين الأنبياء فإن الناس يصعقون يوم القيامة، فأكون أول من تنشق عنه الأرض فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش». الحديث.
(٢) رواه البخاري (٢٤١٢) من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -.
(٣) رواه مسلم (٨١٠).

<<  <   >  >>