وهكذا في النفع والضر فلا تقل: الله هو الضار؛ بل قل: الله هو النافع الضار، وهذا من جنس الأول في التعبير بالعموم.
ومن هذا ما ذكر الله من قول إبراهيم ﵇:«فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ * الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ»[الشعراء: ٧٧ - ٨٠] ولم يقل: وإذا أمرضني شفاني، وهذا من الأدب في الإخبار عن الله ﷾.
ومما يتعلق بهذا الجمعُ بين آيتي سورة النساء، وهي قوله ﷾:«وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُواْ هَذِهِ مِنْ عِندِ اللهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُواْ هَذِهِ مِنْ عِندِكَ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ»[النساء: ٧٨] وقوله تعالى في الآية التي تليها: «مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ»[النساء: ٧٩] فظاهر الآية الأولى أن الحسنة والسيئة كلها من عند الله، ومعنى أن الحسنة والسيئة من عند الله أنهما بمشيئته وتقديره وتدبيره، وليس في تقديره شر ﷾؛ بل حكمة وعدل.
وأما قوله تعالى:«مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ»[النساء: ٧٩] فالمعنى: بسبب نفسك، والحسنة والسيئة تطلق في القرآن إطلاقين:
وفي الثانية: كذلك على الصحيح، وفسرت الحسنة بالنصر والخصب، والسيئة بالهزيمة أو بالمصيبة وبالجدب وما أشبه ذلك، فتكون الآية:«وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ»[النساء: ٧٩] من جنس «أَوَ لَمَّا