للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عدمه باعتبار الحكمة العامة، فالله خلق هذه الأضداد لحكم بالغة، ومن حِكمه تعالى في خلقه: الابتلاء، قال تعالى: ((خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ)) [الملك: ٢] وقال تعالى: ((إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلَاً)) [الكهف: ٧]، (وَهُوَ الَّذِي خَلَق السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) [هود: ٧].

والشر الذي في المخلوقات لا يضاف إلى الله مفردا أبدا؛ بل إما يدخل في عموم المخلوقات كقوله تعالى: ((قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ)) [النساء: ٧٨]، وكقوله: ((اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ)) [الرعد: ١٦]، يعني: الخير والشر.

وإما بصيغة البناء للمفعول، كقوله تعالى عن الجن: ((وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الأَرْضِ)) [الجن: ١٠]، وإما أن يضاف إلى خلقه سبحانه، كقوله تعالى: ((قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ)) [الفلق: ٢]. (١)

هذه الوجوه التي يعبر بها في إضافة الشر المخلوق.

وعلى هذا فلا ينبغي أن تقول: الله خالق الشر، لكن قل: الله خالق كل شيء، وهذا معنى التعبير بالعموم، وقل: فلان أريد به السوء، ولا تقل: أراد الله به.

وكذلك إذا أردت أن تخبر عن خلق الله للمخلوقات، قل: الله خالق كل شيء، الله خالق السماوات والأرض ومن فيهن، ولا تقل: الله خالق الحشرات وخالق الكلاب، أو: الله رب الكلاب، هذا منكر؛ بل قل: رب السماوات والأرض، رب كل شيء، هذا الذي فيه التعظيم، كما تَمَدَّح سبحانه وتعالى بذلك ((رَبُّ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ)) [المؤمنون: ٨٦].


(١) منهاج السنة ٥/ ٤١٠، ومجموع الفتاوى ١٤/ ٢٦٦، وبدائع الفوائد ٢/ ٧٢٤.

<<  <   >  >>