للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السلف، غلب عليه حب ابن تيميّة - رحمه الله - حتى كان لا يخرج عن شيء من أقواله بل ينتصر له في جميع ذلك، وهو الذي هذب كتبه ونشر علمه، وكان له حظ عند الأمراء المصريين، واعتقل مع شيخه ابن تيمية بالقلعة بعد أن أهين وطيف به على جمل مضروباً بالدرة، فلما مات أفرج عنه.

وامتحن مرة أخرى بسبب فتاوى ابن تيمية، وكان ينال من علماء عصره وينالون منه، وكان نيله حقًّا ونيلهم باطلًا.

قال الذهبي في «المختص»: حبس مرة لإنكاره شد الرحال لزيارة قبر الخليل، ثم تصدر للاشتغال ونشر العلم، ولكنه معجب برأيه، جريء على الأمور، وكانت مدة ملازمته لابن تيمية منذ عاد من مصر اثنتي عشرة سنة إلى أن مات.

وقال الحافظ ابن كثير: كان ملازمًا للاشتغال ليلًا ونهارًا، كثير الصلاة والتلاوة، حسن الخلق، كثير التودد، لا يحسد ولا يحقد.

ثم قال: لا أعرف في زماننا من أهل العلم أكثر عبادة منه، وكان يطيل الصلاة جدًّا، ويمد ركوعها وسجودها، وكان يُقصَد للإفتاء بمسألة الطلاق حتى جرت له بسببها أمور يطول بسطها مع التقي (١) السبكي وغيره.

وكان إذا صلى الصبح جلس مكانه يذكر الله حتى يتعالى النهار، وكان يقول: هذه غدوتي، لو لم أعتدها سقطت قواي (٢).


(١) في المطبوع: «ابن» والصحيح ما أثبت، كما في «البداية والنهاية».
(٢) هذا نقله ابن القيم عن شيخ الإسلام، ونقله عنه ابن ناصر الدين في «الرد الوافر» كما سبق هنا، ووهم في نسبتها إليه ابنُ حجر، وتبعه من بعده.

<<  <   >  >>