وحدثنا إسحاق بن إبراهيم وأبو أيوب الغيلاني وأحمد بن خراش قال إسحاق: أخبرنا وقال الآخران: حدثنا أبو عامر وهو عبد الملك بن عمرو قال: حدثنا رباح وهو ابن أبي معروف عن عطاء عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لضباعة -رضي الله عنها-: ((حجي واشترطي أن محلي حيث تحبسني))، وفي رواية إسحاق: أمر ضباعة.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، يقول الإمام مسلم -رحمه الله تعالى-:
حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء الهمداني قال: حدثنا أبو أسامة عن هشام عن أبيه عن عائشة -رضي الله عنها-: في قصة ضباعة بنت الزبير: بن عبد المطلب، ابنة عم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والقصة مخرجة في الصحيحين وغيرهما.
قالت: دخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على ضباعة بنت الزبير فقال لها:((أردت الحج))، قالت: والله ما أجدني إلا وجعة، فقال لها:((حجي واشترطي، وقولي: اللهم محلي حيث حبستني))، وكانت تحت المقداد.
((حجي واشترطي)): هذا الاشتراط في مثل هذه الصورة لمن خاف أن لا يتمكن من إتمام الحج، أو خاف أن يصد عنه ينفع الاشتراط، وهذا دليل صريح واضح فيه، خلافاً لمن قال: إنه لا ينفع الاشتراط مطلقاً، وهذه قضية عين والحديث خاص بها -بهذه المرأة-.
الحديث حجة على من يقول بهذا القول، ويقابل هذا القول الذي لا يرى الاشتراط مطلقاً قول من يقول: إن الاشتراط ينفع مطلقاً لمن كان شاكياً، ولمن كان صحيحاً سليماً معافى، لمن كان خائفاً أن يصدَّ، ولمن كان آمناً مطمئناً، والحديث دلالته على القول الأول، وهو أن من خشي أن يصد عن البيت أو خشي أن لا يتم حجه لمرض أو نحوه فإنه له أن يشترط، والحديث دليل صريح في المسألة، وإن تقابل قولان لأهل العلم غير هذا القول فمنهم من يقول: الاشتراط لا ينفع مطلقاً، ومنهم من يقول: ينفع على الإطلاق، والحديث: تقول: "والله ما أجدني إلا وجعة": ومن خاف أن لا يدرك المناسك لمرضه له أن يشترط في مثل هذه الصورة، ولا يُتوسع في الاشتراط، يقال: للحاج أن يشترط، وأن يشترط أن يحل لأدنى سبب، كما أنه لا يجوز له أن يشترط أن يحل من غير سبب.