يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في باب طويل جداً، وروايات كثيرة في بعضها بعض الإشكالات في كيفية إحرامه -عليه الصلاة والسلام- وإحرام من معه ووجوه الإحرام الثلاثة، يقول -رحمه الله تعالى-:
حدثنا يحي بن يحي التميمي قال: قرأت على مالك عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت:"خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عام حجة الوداع: سميت بذلك؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- ودَّعهم فيها ولم يلبث بعدها إلا ثلاثة أشهر.
تقول: فأهللنا بعمرة، ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من كان معه هدي فليهل بالحج مع العمرة)): لماذا؟ لأنه لا يسوغ له أن يحلق قبل أن يبلغ الهدي محله، ومحل الهدي إنما يكون في يوم النحر. فأهللنا بعمرة، ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من كان معه هدي فليهل بالحج مع العمرة)): يعني يدخل الحج على العمرة فيصير قارناً؛ لأنه لا يستطيع أن يحل من عمرته.
((ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعاً)): مفاده أن من لم يكن معه هدي أنه يستمر على عمرته، بحيث إذا طاف وسعى وقصر أو حلق حل منها الحل كله، ثم يحرم بعد ذلك بالحج.
قالت: "فقدمت مكة وأنا حائض ": حاضت -رضي الله عنها- بسرف -في الطريق- وأنا حائض لم أطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة: ولا بين الصفا والمروة: مع قوله لها -عليه الصلاة والسلام-: ((افعلي ما يفعله الحاج))، فدل على أن الطواف بين الصفا والمروة مرتب على الطواف بالبيت، ولو كان مما يسوغ تقديمه لقدمت وفعلت ما يفعله الحاج؛ لأن السعي مما يفعله الحاج، ولذا لو حاضت بعد طوافها نقول لها: تسعين؟ نعم تسعى، نعم، لكنها لما لم تطف -لم تطف بالبيت- لم تطف بين الصفا والمروة؛ لأن هذا مرتب على هذا، ولذا يشترط جمع من أهل العلم أن يقع السعي بعد طواف ولو مسنون، كطواف القدوم مثلاً.