للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فمشطتني وغسلت رأسي، فكنت أفتي الناس بذلك في إمارة أبي بكر وإمارة عمر، فإني لقائم بالموسم إذ جاءني رجل فقال: إنك لا تدري ما أحدث أمير المؤمنين في شأن النسك: موقف أمير المؤمنين عمر -رضي الله عنه- وإلزام الناس برأيه كان هذا هو المعمول به في الأمة إلى عصر قريب؛ من باب المصلحة -توحد الفتوى من باب المصلحة-؛ لئلا يضطرب الناس، والعامة لا يفقهون ولا يفهمون أن أهل العلم تختلف أفهامهم ويبلغ بعضهم ما لا يبلغ البعض، واختلافهم مبني على هذا، لا ينسبون هذا الاضطراب وهذا الاختلاف إلى الدين، فإلى وقت قريب يؤطر الناس على قول واحد، وهذا فيه من المصلحة ما فيه، نعم قد يترتب عليه العمل بأقوال مرجوحة، وكثير من أهل العلم يرى الأخذ بالقول المرجوح إذا ترتبت عليه مصلحة لا سيما إذا دعمه الإمام، عندهم أن حكم الحاكم يرفع الخلاف، لكن لما تساهل الناس في هذا الباب انظر، دخل في هذا الباب من ليس في أهله، وتحير الناس، تحير الناس، كثيراً ما يأتي السؤال فلان يقول: صلي، وفلان يقول: لا تصلي، نعم، وأيش موقف المسكين العامي؟ ما فيه حل إلا أن يقال: لا تسأل إلا واحد لا تسأل اثنين، لكن بعض الناس من الرجال أو النساء يكون عندهم حرص فيذهب ويسأل أكثر من واحد ويتأكد، وبعضهم يريد أن يترخص، هذا يلزمه بصيام كفارة، وهذا لا يلزمه، يبحث عن اللي ما يلزمه، هذا يلزمه بهدي ويسأل واحد؛ لعل الله يخفف عنه، الناس الآن كثير منهم لا يبحث عن الحق بقدر ما يبحث عن التخفيف، ووجد على الساحة من يسلك هذا المسلك من التخفيف الذي يرضاه كثير من الناس، ويحتج بأن النبي -عليه الصلاة والسلام- ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما؛ الآن ما فيه تخيير يا إخوان، ارتفع التخيير، هل الإنسان له أن يتخير ما بين قول مالك وأبي حنيفة ويقول: ما خير بين أمرين؟ ثم بعد ذلك في مسألة أخرى يذهب لقول الشافعي مثلاً؛ لأنه أسهل والمسألة الثالثة يذهب لقول أحمد؛ لأنه لا يلزمه بشيء؟! هذا يخرج من الدين بالكلية ولا يشعر، والله المستعان.

<<  <  ج: ص:  >  >>