نقول: هذا من وجه لا بأس، الفضل واسع كبير مثل أجر الحج، لكن الإجزاء لا بد من الحج:{وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} [(٩٧) سورة آل عمران]، فالحج متعين على المستطيع ولا يجزئ عنه غيره.
قد يقول قائل: نجلس بعد صلاة الصبح إلى أن تنتشر الشمس، ونصلي ركعتين، ونرجع بأجر عمرة وحجة تامة، كما جاء في الحديث -الذي لا يسلم من مقال عند أهل العلم-.
لكن إذا أردت أن تختبر فانظر إلى مشقة هذا العمل على النفوس، بعض الناس من اليسير عليه جداً أن يركب السيارة ويذهب إلى مكة ويأخذ عمرة، لكن يصعب عليه أن يجلس بعد صلاة الصبح إلى أن تنتشر الشمس، والنفس تحتاج إلى جهاد، المسألة ساعة واحدة بعد الصلاة، كثير من الناس -ومنهم طلبة علم مع الأسف- يؤذن الظهر وهو يكمِّل ورده، يخرج من المسجد ويذهب إلى الفراش ويصحو ويغفو، وإذا قال كلمة أعادها عشر مرات، ثم بعد ذلك يستمر، فإذا جلس في مصلاه يذكر الله يكمل ورده، وينهي حزبه من القرآن، وبإمكانه أن يقرأ القرآن في سبع ولا يشق عليه ذلك، ويحصل على الأجر العظيم، ويقتدي بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، يجلس في مصلاه إلى أن تنتشر الشمس، هذا في الصحيح، لكن الأجر المرتب على ذلك مع الركعتين هذا هو محل الكلام لأهل العلم.
فالمقصود أن التشبيه في مثل هذا يكون من وجه دون وجه، ولا يلزم أ، تكون المطابقة من كل وجه؛ فتشبيه الباري، أو رؤية الباري، تشبيه رؤية الباري بالقمر ليلة البدر، هل يلزم من هذا أن يكون من كل وجه؟
أبداً، في الوضوح وعدم الخفاء، فالتشبيه للرؤية لا المرئي، تشبيه تقديم اليدين على الركبتين، ووضع اليدين مجرد وضع على الأرض، أو تقديم اليدين على الركبتين في السجود تشبيهه ببروك البعير من وجه دون وجه؛ فإذا نزل على الأرض بقوة أشبه البعير وإلا فلا، وإلا امتثل الأمر في الحديث نفسه:((وليضع يديه قبل ركبتيه)).
المقصود أن التشبيه لا يلزم أن يكون المشبه مطابقاً للمشبه به من كل وجه، إنما إذا وجد وجه الشبه من وجه ولو خالفه في وجوه؛ ولذا جاء تشبيه الوحي -وهو محمود- بصلصلة الجرس -وهو مذموم- ووجه الشبه من وجه دون وجه.