الطريق للدخول هو الطريق للخروج هذا الأصل؛ لأنه جاء من بلد واحد يعني من طريق واحد جاء من المدينة ورجع إلى المدينة فطريقه واحد في الدخول والخروج، لكن طريقه من الثنية العليا وكونه يخرج من السفلى لكونه أيسر له، وبهذا يستشف أن الدخول والخروج إنما يراعى فيه اليسر على مريد هذا البيت، وأنه لا يتكلف ما يشق عليه.
يقول: وحدثنيه زهير بن حرب ومحمد بن المثنى قالا: حدثنا يحيى وهو القطان، عن عبيد الله بهذا الإسناد: بالإسناد السابق.
وقال في رواية زهير: العليا التي بالبطحاء: نعم البطحاء والأبطح مكان معروف، لما انتهى من حجه -عليه الصلاة والسلام- نزل المحصب وهو بجانب الأبطح والبطحاء، المقصود أنه موضع معروف.
قال: حدثنا محمد بن المثنى وابن أبي عمر جميعاً عن ابن عيينة قال ابن المثنى حدثنا سفيان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما جاء إلى مكة دخلها من أعلاها، وخرج من أسفلها.
على ما تقدم.
قال: وحدثنا أبو كريب قال: حدثنا أبو أسامة عن هشام عن أبيه عن عائشة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دخل عام الفتح من كداء: الثنية العليا، من أعلى مكة قال هشام بن عروة: فكان أبي: عروة بن الزبير، يدخل منهما كليهما: من العليا والسفلى، وكان أبي أكثر ما يدخل من كداء: فدل على أن عروة وهو أحد الفقهاء السبعة يرى أن هذا حسب التيسير، فالحاج والمعتمر وقاصد البيت يفعل الأيسر له.
كان أبي يدخل منهما كليهما: يعني أحياناً يدخل من الثنية العليا وأحياناً من السفلى، والذي يأتي من اليمن أو من نجد أو من جهات المشرق هل يكلف أن يدور دورة كاملة على مكة لينزل من الثنية العليا؟ إذا قلنا بالتعبد بمثل هذا يفعل، قد يقول قائل: إن الطرق الآن والمرور قد لا يمكن من تطبيق مثل هذه الأمور.
على كل حال إذا كان يقصد أو يرى أن هذا مما يتعبد به وقصده، ثم منع منه حصل له أجره، والحنابلة يقولون: يسن دخول مكة من أعلاها، والمسجد من باب بني شيبة، والأمر فيه سعة.