حدثنا يحيى بن يحيى قال: أخبرنا الليث ح وحدثنا قتيبة قال: حدثنا ليث عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر أنه قال: "لم أر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يمسح من البيت إلا الركنين اليمانيين": البيت بيت الله –الكعبة البيت الحرام- مبني على أركان أربعة، وكان على قواعد إبراهيم، ثم احتيج إلى بنائه -إعادة البناء- في الجاهلية قبل بعثة النبي -عليه الصلاة والسلام- ففصرت بهم النفقة فقصروا في بنائه دون قواعد إبراهيم، فالحجر الأصل أنه من البيت، لكن لما قصرت بهم النفقة، قصروا دون قواعد إبراهيم، فصار البيت على قاعدتين من قواعد إبراهيم -عليه السلام، وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام-، وهذا هو السبب الذي جعل النبي -عليه الصلاة والسلام- يمسح ركنين ويترك ركنين، يمسح الركن الذي فيه الحجر، ويمسح الركن الذي يليه –اليماني- الذي قبله بالنسبة للطائف.
لم أر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يمسح من البيت إلا الركنين اليمانيين: يعني اللذين بجهة اليمن، الجهة الجنوبية بخلاف الشاميين.
الآن اليمانيين تثنية يماني، والياء هذه ياء النسب، والأصل في ياء النسب التشديد؛ ياءٌ كيا الكرسي زيدت للنسب، هذا الأصل فيها، وهنا اليمانيين بالتخفيف؛ لأن الألف مزيدة، والنسبة على غير القياس، وجعلت بمثابة الياء الثانية من ياء النسب المشددة؛ لأن الحرف المشدد عبارة عن حرفين، فقامت الألف هذه مقام إحدى اليائين وبقيت ياء واحدة مخففة، ولذا تقول: هذه امرأة يمانية -بدون التشديد، هذا قول الأكثر- بينما لو نسبت على الأصل -على القاعدة- قلت: هذه امرأة يمنيَّة، لا بد من التشديد؛ لأن ياء النسب مشددة، وهذا رجل يمنيٌّ –بالتشديد- لكن الألف جعلت مقام إحدى اليائين فخففت، ومن أهل اللغة من يقول: يشدَّد ولو نسب على غير القياس؛ لأن الأصل في ياء النسب التشديد وهذه الألف مزيدة، كما زيد أكثر منها، في الرازي مثلاً الري، النسبة إليها رازي، زيد فيها ألف وزاي على غير القياس وهكذا، فتشدد ولو زيد فيها الألف، وهذا قول إمام النحاة سيبوية، لكن عامة أهل اللغة على أنها لا تشدد؛ لئلا يجمع بين العوض والمعوض، بين البدل والمبدل.