كونه -عليه الصلاة والسلام- يقتصر على مسح الركنين اليمانيين؛ لأنهما على قواعد إبراهيم، فالركن اليماني فيه هذه الخصيصة ولذا يمسح ولا يقبل، وأما بالنسبة للركن الذي يليه -الذي فيه الحجر الأسود- فإضافة إلى كونه على قواعد إبراهيم، كونه فيه الحجر الذي جاءت السنة بتقبيله واستلامه.
وحدثني أبو الطاهر وحرملة قال أبو الطاهر: أخبرنا عبد الله بن وهب قال: أخبرني يونس عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه قال: "لم يكن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يستلم من أركان البيت إلا الركن الأسود والذي يليه من نحو دور الجمحيين": نعم، لما كانت الدور ملاصقة للمسجد يوصف بها، وكانت دور الجمحيين في هذه الجهة، وهذا قول الجمهور، وعامة السلف والخلف عليه.
واستحب بعض الصحابة مسح الأركان الأربعة فتمسح الأركان الأربعة، ولو لم تكن على قواعد إبراهيم، ويقولون: ليس شيء من البيت مهجوراً؛ لأن عدم المسح يقتضي الهجر، لكن العبرة بما ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- ولو لم يثبت عنه مسح ولا تقبيل ما مسحنا ولا قبلنا.
وحدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا خالد بن الحارث عن عبيد الله عن نافع عن عبد الله: ذكر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان لا يستلم إلا الحجر والركن اليماني.
قال: وحدثنا محمد بن المثنى وزهير بن حرب وعبيد الله بن سعيد جميعاً عن يحيى القطان قال ابن المثنى: حدثنا يحيى عن عبيد الله.
حدثنا محمد بن المثنى وزهير بن حرب وعبيد الله بن سعيد جميعاً عن يحيى القطان قال ابن المثنى: أعاد الأول من هؤلاء الثلاثة؛ ومر بنا مراراً أنه إذا روى الحديث عن جمع ثم أعاد واحداً منهم أن الذي يغلب على اللفظ؛ لأنه صاحب اللفظ، الذي يغلب على الظن أنه صاحب اللفظ.
قال: حدثنا يحيى عن عبيد الله قال: حدثني نافع عن ابن عمر قال: "ما تركت استلام هذين الركنين اليمانيَ والحجر: مشددة عندكم وإلا؟
طالب: مخففة.
مخففه هذا الأصل.
اليماني والحجر مذ رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يستلمهما في شدة ولا رخاء"": من حرصه -رضي الله تعالى عنه وأرضاه- أنه لا يترك الاستلام؛ اقتداءً بالنبي -عليه الصلاة والسلام-.